فليس من المثنى ما يأتى :
(١) ما يدل على مفرد ؛ مثل : نجم ، ورجلان (١).
(٢) ما يدل على جمع ؛ مثل : نجوم ، وصنوان (٢) ، أو على اسم جمع ؛ مثل : قوم ، ورهط.
(٣) ما يدل على اثنين (٣) ، ولكنهما مختلفان فى لفظيهما ، مثل : الأبوين ؛ للأب والأم. أو : مختلفان فى حركات أحرفهما ؛ كالعمر بن : لعمر بن الخطاب ، وعمرو بن هشام ، المعروف : «بأبى جهل». أو مختلفان فى المعنى دون الحروف وحركاتها ؛ كالعينين ؛ تريد بإحداهما العين الباصرة ، وبالأخرى البئر (٤)
__________________
(١) بمعنى : ماش (غير راكب) ؛ تقول : علىّ رجلان ؛ أى : ماش ؛ وليس براكب.
(٢) تقول : بعض الشجر صنوان ؛ مفرده : صنو ، وهو : الشجرة التى تنشأ مع أختها فى أصل واحد ؛ فهما شجرتان ، مشتركتان فى الساق ، وتنفصل كل واحدة عند أعلى الساق.
(٣) سيجىء فى ـ ه ـ من ص ١٤٣ أن المثنى قد يكون لفظه فى ظاهره دالا على التثنية ومعناه للجمع.
(٤) وأمثال هذا ؛ من كل لفظين مشتركين فى الحروف ، والحركات ؛ تريد بأحدهما معنى ، وبالآخر معنى يخالفه على سبيل الحقيقة ؛ كالمثال السابق ، أو على سبيل المجاز ؛ مثل : القلم أحد اللسانين. وتقول جمهرة النحاة : إن ذلك كله مقصور على ما ورد عن العرب ، وسمع منهم : كما أن العمرين والأبوين وغيرهما مقصور عليهم ؛ شأن كل اسمين يراد تثنيتهما مع وجود اختلاف فى مفرديهما ، وأحدهما أهم من الآخر. فقد كان العرب يرجحون الأهم ويغلبونه بإجراء التثنية على لفظه وحده ، ثم يجعلون معنى المثنى شاملا لهما معا ، منطبقا عليهما ، وهذا ما يسمى : «التغليب» وما ورد منه ملحق بالمثنى ، وليس مثنى حقيقة.
والخير أن يكون التغليب قياسيا عند وجود قرينة تدل على المراد بغير لبس : كما لو أقبل شخصان معروفان واسم أحدهما : محمد ، والآخر على ؛ فقلت : جاء العليان أو المحمدان لكثرة تلازمهما ، أو شدة تشابههما فى أمر واضح. وبهذا الرأى العملى النافع يقول بعض الباحثين القدامى والمحدثين ؛ والأخذ به حسن ومفيد. هذا ، والشائع ، عند العرب تغليب المذكر على المؤنث فى التثنية كقولهم : «القمران» فى الشمس والقمر ، والعاقل على غيره ؛ ففى مثل : صالح والعصفور يقال. الصالحان يغردان ... ولم يغلبوا المؤنث إلا فى قليل من الحالات ، أشهرها : ا ـ قولهم : ضبعان ، يريدون : أنثى الضبع وفحلها. ويقال للأنثى «ضبع» ولفحلها ؛ ضبعان فاختاروا اللفظ الخاص بالأنثى ، وثنّوه وأطلقوه عليهما معا ؛ تغليبا للأنثى.
ب ـ قولهم : فرغت من كتابة رسالتى لثلاث بين يوم وليلة (أى : لثلاث محصورة بين كونها أياما وكونها ليالى). وضابط هذه المسألة : أن يكون معنا عدد تمييزه مذكر ومؤنث ، وكلاهما لا يعقل وهما مفصولان من العدد بكلمة : بين.
وقد غلبنا فى المثال السابق التأنيث على التذكير ؛ بدليل أن اسم العدد خال من علامة التأنيث ، وهو لا يخلو منها إلا فى حالات أهمها : أن يكون المعدود المذكور متأخرا فى الجملة ، مؤنثا حقيقة ـ بألا يكون معه مذكر ـ أو مؤنثا تغليبا ؛ بأن يكون معه مذكر ، ليس له الأهمية والتغليب. ومن أمثلته أيضا : قابلت تسعا بين رجل وامرأة ، قرأت عشرا بين كتاب وكراسة ... إلخ.
ح ـ المروتان : للصفا والمروة ، وهما جبلان بمكة المكرمة. والتغليب للمروة المؤنثة.
أما «التغليب» فى الجمع فيجىء فى رقم ١ من هامش ص ١٢٧.