وما سبق هو أشهر اللغات وأسهلها فى الأسماء الستة ، ولذلك كان أحقها بالاتباع ، وأنسبها للمحاكاة ، دون غيره. إلا كلمة : «هن» فإن الأكثر فيها مراعاة النقص فى آخرها ، ثم إعرابها بالحركات الأصلية بعد ذلك. والمراد بمراعاة النقص فى آخرها أن أصلها «هنو» ، على ثلاثة أحرف ، ثم نقصت منها الواو ؛ بحذفها للتخفيف ، سماعا عن العرب ، وصارت الحركات الأصلية تجرى على النون ، وكأنها الحرف الأخير فى الكلمة. فعند الإضافة لا تردّ الواو المحذوفة كما ـ ترد فى الغالب ـ عند إضافة الكلمات التى حذفت من آخرها ، فحكم كلمة : «هن» فى حالة الإضافة كحكمها فى عدمها ، تقول : هذا «هن» ، أهملت «هنا» ـ لم ألتفت إلى «هن». وتقول : «هن» (١) المال قليل النفع. إن «هن» المال قليل النفع. لم أنتفع «بهن» المال. لكن يجوز فيها بقلة ، الإعراب بالحروف ، تقول: هذا هنو المال ، وأخذت هنا المال ، ولم أنظر إلى هنى المال.
وإذا كان الإعراب بالحروف بشروطه السابقة هو أشهر اللغات وأسهلها فى الأسماء الستة إلا كلمة : «هن» فإن هناك لغة أخرى تليه فى الشهرة والقوة ؛ هى : «القصر» فى ثلاثة أسماء ؛ «أب» ، و «أخ» ، و «حم» ، دون «ذو» و «هن» و «فم» (٢) ... ومعنى القصر : إثبات ألف (٣) فى آخر كل من الثلاثة الأولى فى جميع أحوالها ، مع
__________________
(١) الشىء التافه منه.
(٢) فى الأغلب.
(٣) وهذه الألف منقلبة عن الواو المحذوفة من آخر كل واحدة ؛ فصارت كألف المقصور (وهو : الاسم المعرب الذى فى آخره ألف لازمة ، كالهدى ، والرضا ، والمصطفى). وهذا جار على أن أصلها : «أبو» ، و «أخو» و «حمو» ـ كما فى رقم ١ من ص ١٠٣ ـ تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا. هكذا يقول النحاة.
والحق أن أهل اللغة التى تلزم آخرها الألف لم ينظروا إلى ما يسمى أصل الواو ، ولم يعرفوا قلب الحروف ، ولا أمثال هذا. وإنما نطقوا عن فطرة وطبيعة : فهم يلزمون آخرها الألف بغير تعليل إلا النطق بها.
«ملاحظة» : إذا حذف من الاسم الثلاثى أحد أصوله فإن جاءت همزة الوصل عوضا عن المحذوف لم يصح إرجاعه فى التثنية وجمع المؤنث السالم. أما إذا لم تأت همزة التعويض فالأجود ـ وقيل الواجب ـ إرجاعه. إن كان يرجع عند الإضافة. وتطبيقا لهذا الحكم ترجع ـ فى الحالتين السالفتين ـ اللام المحذوفة من الثلاثى لأنها ترجع عند إضافته ؛ فيقال فى : قاض ـ شج (أب ـ خ حم أ ـ ...) : قاضيان ـ شجيان ـ أبوان ـ اخوان حموان ... لأنه يقال فى الإضافة قاضينا ـ شجينا ـ أبوه ـ أخوه ـ حموه ... وشذ : أبان وأخان ....
أما الذى لا يرجع عند الإضافة فلا يرجع عند التثنية ، وجمع المؤنث السالم ، نحو : اسم ـ ابن ـ