مطبّق بلاد المسلمين مشرقها ومغربها شهرة وانتشارا ، حتى كان له في بلاد المغرب وحدها مائة وعشرون شرحا ، وكان هو المعتمد عند الناس حتى ظهر (إيضاح) الفارسي و (لمع) ابن جني فأخملاه.
وكان مما قرّب الزجاجيّ إلى نفسي أنه يكتب النحو بأسلوب أدبي عذب ، وأن منهجه فيه قائم على تجنّب الجدل النظري والتعليل الفلسفي. وأنه يعنى بتقريب النحو إلى أفهام الناس عامة ، وأفهام المبتدئين خاصة. وأنه ـ قبل ذلك كله ـ يمثّل حلقة من حلقات تاريخنا النحوي ...
لذلك كله رأيت أن أعود إلى سيرة هذا العالم فأذيعها بين الناس ، وإلى آثاره فأحقق ما أستطيع منها ، وأحيي مذهبا نحويا أو مسلكا في التأليف النحوي أراه يمثله ، وأجلو حلقة في تاريخ النحو العربي وصلته بالفقه والمنطق وعلم الكلام وأثر هذه العلوم في مناهج النحو وأصوله (١).
وقد بدأت بتحقيق آثار الزجاجي ؛ إذ حققت منها كتاب (الإيضاح في علل النحو) (٢). ثم رأيت ـ رغبة في عدم تكرار الحديث المفصل عن حياة الزجاجي وآثاره في كل كتاب سأخرجه من كتبه ـ أن أفرد لذلك
__________________
(١) من مقدمة كتابنا (الزجاجي ، حياته وآثاره ومذهبه النحوي من خلال كتابه الإيضاح).
(٢) نشرته دار العروبة بالقاهرة سنة ١٩٥٩.