وقلت له : ارجع إلى ما كنت عليه فلا أتعرّضك بعد أبدا ، فأجابني ودموعه تنحدر أنّه لم يبق لي حال الزيارة وقد زال ما بي من الخشوع ، فأسفت على ما فعلت ولمت نفسي ورجعت إلى الدار ، فلمّا دخلت الفضاء وإذا بثلاثة واقفين على السطح وهم يحاذونني ، والذي بينهم أقصر سنّا وبيده قوس وسهم ، ينظر إليّ نظرة الغضب ، وقائل : لم منعت زائرنا وصرفته عن حاله ، ثمّ وضع السهم في كبد قوسه فما شعرت إلّا وقد اخترق صدري ، فغابوا عن بصري واحترق صدري ، فجرح بعد يومين وقد زاد الآن كما ترى ، فكشف عن صدره وإذا قد أخذ مجموع صدره ، فما مضى أيّام إلّا ومات (١).
المعجزة الثانية والثلاثون : وفيه : قال رحمهالله : أخبرني الورع التقي الحاج جواد الصبّاغ ، وهو من أعاظم التجّار وثقاتهم وكان ناظرا على تعمير الروضة المقدّسة والسرداب من قبل بانيه جعفر قلي خان الخوئي ، أخبرني حين تشرّفي إلى زيارة المشهد المقدّس والسرداب المشرّف وذلك في سنة عشر ومائتين بعد الألف ، أيّام مسافرتي إلى بيت الله الحرام فمضيت إلى سرّ من رأى ، واتّفق لي مصاحبته في تلك البلدة ، فحكى لي عن رجل ناصبي يدعى بسيد علي ، وكان مأمورا هناك من والي بغداد وحكومة العثماني ، وكان حاكما على أهلها ـ وذلك في سنة خمس ومائتين بعد الألف ـ ويأخذ من كلّ زائر ريالا للدخول في الروضة المقدّسة ويسوم ساقهم ، ويعلمهم علامة لا يشتبه بغيره بعد ذلك.
فبينما ذات يوم هو جالس على سرير له بباب الصحن وبين يديه المأمورون ، وبيده خشبة طويلة يسوق بها الزوّار بعد أخذ الريال منهم وسوم ساقهم إذ أقبل شاب من زوّار العجم ومعه زوجته ، وهم من أهل بيت الشرف والعفّة ، ودفع إليه ريالين فطبع ساقه وأشار إلى زوجته بالطبع فقال الشاب : دع الامرأة وأنا اعطي لكل دخول لها في الروضة المقدّسة ريالا من غير أن يكشف لها ساق ، ولم أرض بهذه الفضيحة ، فصاح عليه الناصبي ـ السيد علي المذكور ـ وشتمه بالرفض والعصبية وقال : أتغير عليها يا فلان؟ فأجابه الشاب باللين والرفق. فصاح ثانيا بأنّه لا يمكن لها الدخول في الحرم إلّا وأكشف عن ساقها وأطبع عليها ، فأخذ الشاب بيدها وقال : ارجعي فقد كفتنا هذه الزيارة ، فاغتاظ الناصبي لذلك وصاح عليه قائلا : يا رافضي استثقلت ما أمرتك فيها ، ثمّ مدّ يده وأخذ الخشبة الطويلة التي كانت عنده
__________________
(١) الخزائن للنراقي : ٤٢٧ والكتاب مخطوط بين العربي والفارسي وهذه القصّة مترجمة منه.