فاستنجد سلطان كجرات بملك مصر السلطان (قانصوه الغوري) المملوكي الجركسي ، وطلب إليه عونه لمقاتلة الفرنجة المعتدين ، فاستجاب (قانصوه الغوري) للنداء ، وأعلن الجهاد في سبيل الله لدفع الأذى عن المسلمين وبلادهم ، وسيّر أسطولا بحريا بقيادة أحد أمرائه (حسين الكردي) ، وجهز معه عسكرا من الترك المغاربة المعروفين ب (اللّوند) في نحو خمسين غرابا ، أي مركبا بحريا يجدّف بمئة وأربعين مجدافا ، فاتجه هذا الجيش إلى جدة أولا ، فتقوّى بالمال ، وتأثّل ، وجمع خزائن من كل صنف ، توجه بها إلى الهند في حدود سنة (٩٢١ ه ـ ١٥١٥ م) ودخلها ، والتقى سلطان كجرات ، فأكرمه وعظمه وأنعم عليه إنعاما كبيرا.
فلما علم الفرنجة المعتدون بقدومه ، فرّواهاربين عن موانئ كجرات إلى مرافئ الدكن وتحصنوا بقلعة (غوّا) خائبين منهزمين (٣).
وعاد الأمن والسلام إلى الهند ، وانتهت مهمة حسين الكردي فيها ، وكان عليه أن يعود إلى مصر عن طريق جدة ، لكنه عرّج بأسطوله ، وهو في طريق العودة ، إلى شواطئ اليمن ، وطلب إلى السلطان عامر الثاني سنة (٩٢٢ ه ـ ١٥١٦ م) إعانته بشىء من الميرة لخروجه لقتال الفرنجة البرتغاليين ، الذين كانوا يعتدون على بلاد المسلمين ، ويتخطفون مراكبهم ، فامتنع عامر ، ودارت الحرب بينهما في قلة من الجراكسة من جيش الكردي مزودين بالبنادق النارية التي لا عهد لليمنيين بها ، وكثرة من اليمنيين من أصحاب عامر ، فرّوا وانهزموا لما هاجمهم جنود الكردي بالبنادق فسمعت أصواتها ، وقتلوا كثيرا منهم ، وتتبعوهم ، واستولى القائد الكردي على زبيد سنة (٩٢٢ ه ـ ١٥١٦ م) ، ونصب (برسباي) أخاه أو أحد مماليكه ، نائبا له فيها.
وأرسل من يطارد عامرا الثاني وأخاه عبد الملك حتى قتلا ، وهما يحاولان استعادة ملكهما من يد برسباي ، في جبل نقم قرب صنعاء في الثالث والعشرين من ربيع السنة من عام (٩٢٣ ه ـ ١٥١٧ م) ، وبهذا انتهت دولة بني طاهر.
__________________
(٣) الدول الإسلامية ، وحدائق الأنوار.