عن واقع ، أو تطبيقاً نموذجيّاً فريداً ، أو ورد الحكم فيه لأوّل مرّة ، أو كان مورده فيه جهة غريبة تجلب الإنتباه أو نحو ذلك.
و أمّا الطرق التي ذكروها لتعيين أسباب النزول فهي :
١ ـ ما ذكره السيوطي بقوله : والذي يتحرّر في سبب النزول أنّه ما نزلت الآية أيّام وقوعه (٢٤).
وهذا فيه تضييق لأنّه أخصّ ممّا يُطلق عليه اسم سبب النزول عندهم ، لعدم انحصاره بما كان في وقت النزول ، بل الضروري ، هو ارتباط السبب بالآية سواء كان مقارناً لنزولها أو لا ، ويُعلم الربط بالقرائن ، على أنّا لا ننكر مقارنة كثير من الاسباب لنزول آياتها ، مع أنّ الإلتجاء الى معرفة سبب النزول بما ذكره من النزول أيّام وقوعه يؤدّي الى انحصار معرفة سبب النزول بطريق المشاهدة بالحاضرين ، فلابدّ من الإعتماد على الروايات لإثباتها إلّا أن يكون مراده تعريف سبب النزول وهو الأظهر ، لكنه أيضاً تضييق كما عرفت.
٢ ـ قال الواحدي : لا يحلّ القول في أسباب نزول الكتاب ، إلّا بالرواية والسماع ممّن شاهدوا التنزيل ، و وقفوا على الأسباب ، أو بحثوا عن علمها وجدّوا في الطِلاب ، وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.
أخبرنا أبو إبراهيم ، إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبوالحسين ، محمد بن أحمد بن حامد العطّار ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبدالجبّار ، قال : حدّثنا ليث ، عن حماد ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن عبدالأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : اتّقوا الحديث إلّا ما علمتم ، فإنّه من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ، ومن كذب على القرآنِ من غير علم فليتبوّأ مقعده من النار.
والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية (٢٥).
_____________________________
٢٤ ـ الإتقان (ج ١ ص ١١٦).
٢٥ ـ أسباب النزول للواحدي (ص ٤).