أنّ الله سبحانه يخلفه عليّ و يضاعفه لي ، والغرض العرض لسيّدي و إنباؤه بحسن صنيع الله له ، من حيث يدري ولا يدري ، حيث يصيب الله ببرّه مواقعه ، و يسوق ما يجري من الخير على يده إلى أحقّ أهله ، ومنهم ربيب ألطافه وصنيعة أياديه وغرس نعمته ، فإنّه لولا ماتسديه من صلاتك و برّك ، لوقفت حركته عن رزق ساعته ، فضلاً عن يومه وليلته ، و يأبىٰ الله جلّ شأنه ذلك ، وقد تكفل بالرزق وجعله على يدك الكريمة المباركة ، فله الحمد حيث جعله في خير سبله ، و أجراه من أكرم مجاريه.
أمّا العبد ـ فبحمدالله ـ ما فتحت في سؤال احد فمي ، ولا أرقت ـ بمنّه ـ ماء وجهي ، كلّ ذلك بما أغناني الله به من ظلّ سعادته ، و يمن بركاته ، وسلامة وجوده ، وسعة جوده ، ولا اُسيل ـ إن شاء الله ـ ماء وجهي بالسؤال ، ولو سال دم وريدي ، وانقطع خيط وجودي ، على أنّي حتى الآن ما وجدت أحداً يشري بالدينار ، ماء وجوه الأحرار ، والناس اليوم لا تجد فيهم إلّا من يسكب ماء حيائه و وقاره ، لحفظ درهمه وديناره.
فأسأله ـ تعالى ـ أن يديم ظلّك علينا ، ولا يدفعنا بالحاجة إلى أحدٍ منهم.
وما اُبالي وخير القول أصدقه |
|
حقنت لي ماء وجهي أم حقنت دمي |
نعم سيّدي ولا غرو :
فما أنا إلّا غرسُ نعمتِكَ التي |
|
أفضت له ماءَ النوالِ فأورقا |
وقفتُ بآمالي عليك جميعها |
|
فرأيَكَ في إمساكِهِنَّ موفّقا |
ولولا حذر الملالة ، لسحبت ذيل المقالة ، و أنا على القلّة أستميح من سيّدي العفو والإقالة ، عمّا عساه أن يعدّ من الجسارة والإطالة ، و أرجو أن لا ينساني من صالح دعاه ، كما لا أنساه :
وكيف أنساه لانعماه واحدة |
|
عندي ولا بالّذي اولاه من قدم |
و أسأله ـ تعالى ـ أن يجعلني عبداً شكوراً ، ومن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق ، و اُهدي وفير سلامي و تحيّاتي لسادتي الكرام : السيد محمد ، والسيد أحمد ، والسيد علي ، والسيد محمود ، أدام الله علينا و عليهم ظلّك الممدود ، بالعزّ والشرف والسعود ، والسلامة إن شاء الله ، والسلام.
غرّة ربيع الثاني سنة ١٣٣٠ |
عبدك محمد حسين كاشف الغطاء |