والغريب أنّه ما تفوّه بهذا المقال أحد غير عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، إلّا وقد فضح ، ووقع في ربيكة وورطة وتلعثم ، وأماط بيده القناع والغطاء عن جهله المطبق.
وكيف لا يكون كذلك ، وهو باب مدينة العلم ... علّمه النبيّ الأقدس (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ألف باب من العلم ، فاستنبط من كل باب ألف باب ... وفي رواية أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علّمني ألف باب من العلم فتشعب لي من كل باب ألف باب.
وفي رواية قال (عليه السلام) ، وهو على منبر الكوفة وعليه مدرعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو متقلد بسيفه ومتعمم بعمامته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فجلس على المنبر ، وكشف عن بطنه فقال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّما بين الجوانح منّي علم جم ، هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذا ما زقّني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) زقا ، زقا ، فو الله لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها ، لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الانجيل بإنجيلهم ، حتّى ينطق الله التّوراة والإنجيل ، فيقولان : صدق عليّ قد أفتاكم بما أنزل فيّ ، وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون.
قال عبد الله بن مسعود : علماء الأرض ثلاثة ، عالم بالشام ، وعالم بالحجاز ، وعالم بالعراق. فأما عالم الشام فهو أبو الدّرداء ، وأما عالم أهل الحجاز فهو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وأما عالم العراق فأخ لكم (يعني به نفسه) ، وعالم أهل العراق ، وعالم أهل الشام ، يحتاجان إلى عالم الحجاز ، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما (١).
وقد جاءت النصوص والأخبار أنّه أعلم العلماء في كافة المجالات ... وأنّه (عليه السلام) ، كان يربو بعلمه على جميع الصحابة ، وكانوا يرجعون إليه في القضايا ، والمهمات ، والمشكلات بصورة عامة ، ولا يرجع هو إلى أحد منهم في شيء ، وأنّ أول من اعترف وأقرّ به بالأعلمية نبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقوله : أعلم أمتي من بعدي عليّ بن أبي طالب.
__________________
(١) الرياض النضرة ٢ / ٢٢١.