إنما استسقى أول ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إني وإياك وهذا وهذا الرقد يعني عليا يوم القيامة في مكان واحد ، وعن أبي سعيد الخدري أيضا مثله.
وعن علي قال : زارنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعملنا له خزيرة (١) ، وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن وصحفة من تمر ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأكلنا معه ، ثم وضّأت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فمسح رأسه وجبهته بيده ، ثم استقبل القبلة فدعا بما شاء ، ثم أكبّ إلى الأرض بدموع غزيرة ، يفعل ذلك ثلاث مرات ، فتهيبنا رسول الله أن نسأله ، فوثب الحسين على ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبكى ، فقال له : بأبي وأمي ما يبكيك؟ قال : يا أبت رأيتك تصنع شيئا ما رأيتك تصنع مثله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا بني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله قط ، وإن حبيبي جبريل عليهالسلام أتاني وأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ، فأحزنني ذلك ، ودعوت الله تعالى لكم بالخيرة.
وقال ابن النجار : وبيت فاطمة اليوم حوله مقصورة وفيه محراب ، وهو خلف حجرة النبيصلىاللهعليهوسلم.
قلت : المقصورة اليوم دائرة عليه وعلى حجرة عائشة رضياللهعنها كما سيأتي بيانه ، والمحراب الذي ذكره خلف حجرة عائشة من جهة الزور بينه وبينه موضع تحترمه الناس ولا يدوسونه بأرجلهم ، يذكر أنه موضع قبر فاطمة رضياللهعنها كما هو أحد الأقوال الآتية فيه ، وقد اقتضى ما قدمناه أن بيت فاطمة رضياللهعنها كان فيما بين مربعة القبر وأسطوان التهجد ، وأنه عرّس بها إلى الأسطوان الذي إليه المحراب الموجود اليوم في بيتها ؛ لأن الأسطوان المواجه للزور هو الأسطوان الذي في صف المربعة اللاصق بالجدار الداخل من الحجرة الشريفة ، كان بعضه في حائطها الشامي ، وأدخل كله فيه في العمارة التي أدركناها ، وخلفه الأسطوانة التي التقى عندها زاويتا الزور ، وخلفها الأسطوانة التي إليها المحراب المذكور ؛ فيصدق عليها ما تقدم في كلام ابن شبة نقلا عن رواية أبي غسان من أن عليا رضياللهعنه عرّس بفاطمة إلى الأسطوان التي خلف الأسطوان المواجه الزور ، لكن قال ابن شبة قبل ذلك ما لفظه : واتخذ علي بن أبي طالب بالمدينة دارين إحداهما دخلت في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهي منزل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي كان يسكن ، وموضعها من المسجد بين دار عثمان بن عفان التي في شرقي المسجد وبين الباب المواجه دار أسماء بنت حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس في شرقي المسجد ، والأخرى دار علي التي بالبقيع ، وهي بأيدي ولد علي على حوز الصدقة ، اه.
وقوله «بين دار عثمان» أي ما يحاذيها ، وقوله «وبين الباب المواجه دار أسماء» أي ما
__________________
(١) الخزير : لحم يقطع قطعا صغارا ثم يطبخ بماء كثير وملح ، فإذا اكتمل نضجه ذرّ عليه الدقيق وعصد به.