بيوت النبي صلىاللهعليهوسلم لما أدخلت في المسجد أنها كانت من جريد مستورة بمسوح الشعر ، وأن عمران بن أبي أنس قال : كان فيها أربعة أبيات بلبن لها حجر من جريد ، الخبر المتقدم.
أول من بنى جدارا على بيت عائشة
قلت : وكان بيت عائشة رضياللهعنها أحد الأربعة المذكورة. لكن سيأتي من رواية ابن سعد أنه لم يكن عليه حائط زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأن أول من بنى عليه جدارا عمر بن الخطاب ، وليحمل على أن حجرة الجريد التي كانت مضافة له ، أبدلها عمر بجدار ، جمعا بين الروايات ، وتقدم أيضا قول عبد الله بن يزيد الهذلي : ورأيت حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم حين هدمها عمر بن عبد العزيز مبنية باللبن حولها حجر من جريد ممدودة ، إلا حجرة أم سلمة ، وقول الحسن البصري : كنت أدخل بيوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا غلام مراهق ، وأنال السقف بيدي ، وكان لكل بيت حجرة ، وكانت حجره من أكسية من شعر مربوطة في خشب عرعر.
قلت : والظاهر أن ما يستر به الحجر المذكورة هو المراد في حديث كشفه صلىاللهعليهوسلم لسجف حجرته ، كما في الصحيح ، والسجف لغة : الستر.
وفي التحفة لابن عساكر عن داود بن قيس أنه قال : أظن عرض البيت من الحجرة إلى باب البيت نحو من ست أو سبع أذرع ، وأظن سمكه بين الثمان والتسع نحو ذلك ، ووقفت عند باب عائشة فإذا هو مستقبل المغرب ، وهو صريح في أن الباب كان في جهة المغرب ، وسيأتي ما يؤيده.
وكذا ما روى في الصحيح من كشفه صلىاللهعليهوسلم سجف الباب في مرضه وأبو بكر رضياللهعنه يؤم الناس ، وترجيل عائشة رضياللهعنها شعره وهو في معتكفه وهي في بيتها كما تقدم في حديث : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله ، وفي رواية النسائي : يأتيني وهو معتكف في المسجد ، فيتكئ على عتبة باب حجرتي ، فأغسل رأسه وأنا في حجرتي وسائره في المسجد ، لكن سبق أيضا ما يقتضي أن الباب كان مستقبل الشام ، وهو ضعيف أو مؤول ، أما ضعفه فلما تقدم من أن بيت فاطمة رضياللهعنها كان ملاصقا له من جهة الشام وأن مربعة القبر كانت باب علي ، ويحتمل أن بعضه من جهة الشام كان ملاصقا بيت فاطمة دون بعضه ، فيتأتى ذلك ، ويدل له ما قدمناه في بيت فاطمة رضياللهعنها من أن الموضع المزور في بناء عمر بن عبد العزيز كان مخرجا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأما تأويله فبأحد أمرين كما أشار إليه الزين المراغي : أحدهما حمله على أنه باب شرعته عائشة رضياللهعنها لما ضربت حائطا بينها وبين القبور المقدسة بعد دفن عمر رضياللهعنه ، لا أنه الباب