وروى ابن شبة عن ابن عباس أنه قال لنفيع في الحصاة : ردّها وإلا خاصمتك يوم القيامة.
وحكى الأقشهري عن شيخ الخدام ظهير الدين بن عبد الله الأشرفي قال : أتاني عام خمسة عشر وسبعمائة رجل من الشام في موسم الحاج وقال : كنت حججت عام أول وحملت شيئا من تراب المسجد وحصبائه ، فلم أزل أراه في المنام يقول لي : ردّني إلى موضعي ، عذّبتني عذبك الله ، فها أنا أتيت به ، قال : فأخرج صرة فيها ما ذكره ، فصببناها في المسجد ، انتهى.
والذي يقتضيه كلام المؤرخين أن تحصيب المسجد إنما حدث في زمان عمر بن الخطاب ؛ فقد روى يحيى عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الأزهري قال : قال عمر بن الخطاب حين بنى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما ندري ما نفرش في مسجدنا ، فقيل له : افرش الخصف والحصر ، قال : هذا الوادي المبارك فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «العقيق واد مبارك» قال : فحصبه عمر بن الخطاب رضياللهعنه.
وروى ابن زبالة عن عبيد الله بن عمر قال : قدم سفيان بن عبد الله الثقفي على عمر بن الخطاب رضياللهعنه ومسجد النبي صلىاللهعليهوسلم غير محصوب ، فقال : أما لكم واد؟ فقال عمر : بلى ، قال : فاحصبوه منه ، فقال عمر : احصبوه من هذا الوادي المبارك ، يعني العقيق.
قال المطري : رمل المسجد الشريف ـ أي الذي يحصب به ـ يحمل من وادي العقيق ، من العرصة التي تسيل من الجماء الشمالية إلى الوادي ، وليس بالوادي رمل أحمر غير ما يسيل من الجماء ، وهو رمل أحمر يغربل ثم يفرش في المسجد ، انتهى.
وروى ابن زبالة من طريق الضحاك عن بشر بن سعيد أو سليمان بن يسار ـ شكّ الضحاك ـ أنه حدّث أن المسجد كان يرش في زمان النبي صلىاللهعليهوسلم وزمان أبي بكر وعامة زمان عمر ، وكان الناس يتنخمون فيه ويبصقون حتى عاد زلقا ، حتى قدم ابن مسعود الثقفي ، فقال لعمر : أليس قربكم واد؟ قال : بلى ، قال : فمر بحصباء تطرح فيه فهو أكف للمخاط والنخامة ، فأمر عمر بها ، وهذه الرواية مع ضعفها قد اشتملت على أنهم كانوا يبصقون في المسجد.
حكم البزاق في المسجد
وفي الصحيحين عن أنس مرفوعا «البزاق في المسجد خطيئة ، وكفارتها دفنها». وقد رواه ابن زبالة ، وروى أيضا عن ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى نخامة في المسجد فقال : «من فعل هذا جاء يوم القيامة وهي في وجهه».
وعن عبد الله بن قسيط مرفوعا : «لا يبصق في مسجدي هذا».