صاحب المدينة والسور القديم ، بينها وبين جبل سلع ، وعندها أثر باب للمدينة معروف بدرب جهينة إلى تاريخ كتابه ، وهو سنة ست وستين وسبعمائة.
قلت : قد قدمنا ما يخالف ما ذكره في ناحية جهينة ؛ لأنا وإن لم نر الباب الذي أشار إليه ، لكن رأينا آثار السور القديم قبلي جبل سلع ، وقرب الحصن المذكور. ويظهر من حاله أن غالب منازل جهينة وغيرها من المنازل المتقدمة كانت في جوفه ، وأنه كان في جهة المغرب على شفير بطحان بالعدوة الشرقية ؛ لأن الأقشهري نقل في روضته عن صاحب سور الأقاليم أنه قال : المدينة أقل من نصف مكة ، وهي في حرة سبخة الأرض ، وبها نخل كثير ، ومياه نخيلهم وزرعهم من الآبار يسقي منها العبيد ، وعليها سور ، والمسجد في نحو من وسطها. ثم ذكر صفة المسجد والقبر الشريف ، ثم قال : ومصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي كان يصلي فيه الأعياد من غربي المدينة داخل الباب ، انتهى. فكون المصلى داخل الباب شاهد لما ذكرنا ، وقد صرح بنحوه الإمام أبو عبد الله الأسدي فإنه ذكر المساجد الخارجة عن المدينة ، ثم ذكر المساجد التي بالمدينة فقال : وداخل المدينة مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
سور آل زنكي
وقال المطري بعد ذكره لما تقدم من باب هذا السور القديم : ونقل ابن خلكان أن سور هذا الباب القديم بناه عضد الدولة بن بويه بعد الستين وثلاثمائة من الهجرة في أيام الطائع لله ابن المطيع ، ثم تهدم على طول الزمان وخرب لخراب المدينة ، ولم يبق إلا آثاره حتى جدد لها جمال الدين محمد بن أبي منصور ـ يعني الجواد الأصبهاني وزير بني زنكي ـ سورا محكما حول المسجد الشريف على رأس الأربعين وخمسمائة من الهجرة ، ثم كثر الناس من خارج السور ، ووصل السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي في سنة سبع وخمسين وخمسمائة إلى المدينة الشريفة بسبب رؤيا رآها ، وذكر ما قدمناه عنه في خاتمة الفصل التاسع والعشرين.
ثم قال : إنه لما ركب متوجها إلى الشام صاح به من كان نازلا حول السور واستغاثوا وطلبوا أن يا بني عليهم سورا يحفظ أبناءهم وماشيتهم ، فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم ، فبنى في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وكتب اسمه على باب البقيع ؛ فهو باق إلى تاريخ هذا الكتاب.
قلت : وهو باق على باب البقيع إلى أن كتبنا كتابنا هذا ، وصورته في صفحات الحديد المصفح بها الباب : هذا ما أمر بعمله العبد الفقير إلى الله تعالى محمود بن زنكي بن أقسنقر ، غفر الله له ، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وهذا لا يدل على أنه أنشأ السور.
وعبارة البدر بن فرحون عند ذكره لمحاسن نور الدين الشهيد رحمهالله ما لفظه : وبنى