وقال أبو اليمن بن
عساكر في تحفته : وفي رواية فلما جلس عليه أي المنبر حنت الخشبة حنين الناقة على
ولدها ، حتى نزل النبي صلىاللهعليهوسلم فوضع يده عليها ، فلما كان من الغد رأيتها قد حوّلت ،
فقلنا : ما هذا؟ قال : جاء النبي صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر وعمر فحولوها ، انتهى.
وفي مسند الدارمي
من حديث بريدة : كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا خطب قام فأطال القيام ، فكان يشق عليه قيامه ، فأتى
بجذع نخلة ، فحفر له وأقيم إلى جنبه قائما للنبي صلىاللهعليهوسلم ؛ فكان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا خطب فطال القيام عليه استند فاتكى عليه ، فبصر به رجل
كان ورد المدينة فرآه قائما إلى جنب ذلك الجذع ، فقال لمن يليه من الناس : لو أعلم
أن محمدا يحمدني في شيء يرفق به لصنعت له مجلسا يقوم عليه ، فإن شاء جلس ما شاء ،
وإن شاء قام ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : ائتوني به ، فأتوه به ، فأمر أن يصنع له هذه
المراقي الثلاث أو الأربع ، هي الآن في مسجد المدينة ؛ فوجد النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك راحة ، فلما فارق النبي صلىاللهعليهوسلم الجذع وعمد إلى هذه التي صنع له جزع الجذع فحنّ كما تحن
الناقة ، حين فارقه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فزعم ابن بريدة عن أبيه رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم حين سمع حنين الجذع رجع إليه فوضع يده عليه ، وقال : اختر
أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما كنت ، وإن شئت أن أغرسك في الجنة ،
فتشرب من أنهارها وعيونها فتحسن زينتك ، وتثمر ، فتأكل كل أولياء الله من ثمرتك
وتخلد ؛ فعلت ؛ فزعم أنه سمع من النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقول له : نعم قد فعلت ، مرتين ، فسئل النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : اختار أن أغرسه في الجنة.
ولفظه عند عياض :
إن شئت أردك إلى الحائط الذي كنت فيه تنبت لك عروقك ، ويكمل خلقك ، ويجدد لك خوص
وثمرة ، وإن شئت أغرسك في الجنة فتأكل أولياء الله من ثمرك ، ثم أصغى له النبي صلىاللهعليهوسلم يسمع ما يقول ، فقال : بل تغرسني في الجنة فيأكل مني
أولياء الله وأكون في مكان لا أبلي فيه فسمعه من يليه ، قال صلىاللهعليهوسلم : قد فعلت ، ثم قال : اختار دار البقاء على دار الفناء ،
فكان الحسن إذا حدث بهذا بكى وقال : يا عباد الله ، الخشبة تحن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم شوقا إليه لمكانه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه ، وهو
في كتاب يحيى بنحوه ، وفي حديث سهل بن سعد عند أبي نعيم : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ألا تعجبون من حنين هذه الخشبة ، فأقبل الناس عليها
فسمعوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم.
وفي لفظ عند ابن
عبد البر : فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع وانشق ، فرجع إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمسحه بيده حتى سكن ، ثم رجع إلى المنبر ، قال : فكان إذا
صلّى صلى إليه ، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فلم يزل عنده حتى أكلته
الأرضة وعاد رفاتا.
وهذا يبعد ما
قدمناه من التأويل ؛ إذا ظاهره أنه لم يدفن.
ويحتمل : أن ذلك
كان بعد دفنه ، ومشى يصلي إليه قريبا منه ؛ لأنه كان عند مصلّاه كما سنحققه.