قالت : فقلت ـ وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن ـ : إني والله ، لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث ، حتى استقر في أنفسكم ، وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة ، والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني ، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف :
(.. فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١).
قالت : ثم تحولت ، فاضطجعت على فراشي.
قالت : وأنا حينئذ أعلم أني بريئة ، وأن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في النوم رؤيا يبرئني الله بها.
قالت : فو الله ، ما رام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ولا خرج أحد من أهل البيت ، حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ، وهو في يوم شات ، من ثقل القول الذي ينزل عليه ، قالت : فلما سرّي عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، سرّي عنه وهو يضحك ، فكانت أول كلمة تكلم بها : يا عائشة ، أما الله عزوجل فقد برأك ، فقالت أمي : قومي إليه.
قالت : فقلت : والله ، لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عزوجل. وأنزل
__________________
(١) الآية ١٨ من سورة يوسف.