جسده وقلة عقله وخلوه من الفهم ، كما ينكس السهم فيجعل أعلاه أسفله ، وفي هذا كله دليل على أن من فعل هذه الأفاعيل قادر على أن يطمس وأن يفعل بهم ما أراد. وقرأ الجمهور : (نُنَكِّسْهُ) ، مشددا ؛ وعاصم ، وحمزة : مخففا. وقرأ نافع ، وابن ذكوان ، وأبو عمرو في رواية عباس : تعقلون بتاء الخطاب ؛ وباقي السبعة : بياء الغيبة.
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) : الضمير في علمناه للرسول صلىاللهعليهوسلم ، كانوا يقولون فيه شاعر. وروي أن القائل عقبة بن أبي معيط ، فنفى الله ذلك عنه ، وقولهم فيه شاعر. أما من كان في طبعه الشعر ، فقوله مكابرة وإيهام للجاهل بالشعر ؛ وأما من ليس في طبعه ، فقوله جهل محض. وأين هو من الشعر؟ والشعر إنما هو كلام موزون مقفى يدل على معنى تنتخبه الشعراء من كثرة التخييل وتزويق الكلام ، وغير ذلك مما يتورع المتدين عن إنشاده ، فضلا عن إنشائه : وكان عليهالسلام لا يقول الشعر ، وإذا أنشد بيتا أحرز المعنى دون وزنه ، كما أنشد :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك من لم تزود بالأخبار |
وقيل : من أشعر الناس ، فقال الذي يقول :
ألم ترياني كلما جئت طارقا |
|
وجدت بها وإن لم تطيب طيبا |
أتجعل نهبي ونهب العبي |
|
د بين الأقرع وعيينة |
وأنشد يوما :
كفى بالإسلام والشيب ناهيا
فقال أبو بكر وعمر : نشهد أنك رسول الله ، إنما قال الشاعر : كفى الشيب والإسلام ، وربما أنشد البيت متزنا في النادر. وروي عنه أنشد بيت ابن رواحة :
يبيت يجافي جنبه عن فراشه |
|
إذا استثقلت بالمشركين المضاجع |
ولا يدل إجراء البيت على لسانه متزنا أنه يعلم الشعر ، وقد وقع في كلامه عليهالسلام ما يدخله الوزن كقوله :
أنا النبي لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطلب |
وكذلك قوله :
هل أنت إلا أصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت |