وتخرج النساء في
الأرزقة بغير براقع ، إلا أنهن يغطين رؤوسهن بالمشلح الأسود ، وهذا غير مليح ، وأغلبهن قبيح في غاية السمرة.
وأما البساتين
التي هي في واد نزه شرح بقرب البلد ، تجاه الجانب المقابل لجانب دخولنا ، فهي تنبت الفواكه أحسن من غيرها وذلك بالموز والنارنج
والرمان والتين والتفاح والقاوون ... وبين الأشجار الشعير والدخن ، ويجتهدون في
سقيها.
ثم في اليوم
التالي دعانا الملك إلى حضرته وقابلنا بلطف ، ثم سألنا سؤالات كثيرة عن سلاطين
الفرنج المتفرقة ولا سيما في شأن نابوليون بنابارته ، فكان الوهابي يعظمه جدا
وينبسط من أخبار فتوحه ، وكان من بختي أنني سمعت كثيرا من تلك الأخبار عند محادثتي
مسيو لاسكاريس ، فيمكنني أن أحكيها على وجهها. وكان ابن سعود كلما سمع حكاية مني في
شأن بنابارته قال : إن هذا الرجل بعثه الله ، ولا بد أنه ملهم من الله حيث نصره
وفضّله على غيره من السلاطين.
ثم زاد ابن سعود
في الملاطفة وقال : أريد أن تخبرني خبرا صحيحا في أمر من الأمور ، ما هو أساس
النصرانية وما هي قاعدتها؟
قال النصراني :
فلما سمعت هذه المسألة ارتعدت ارتعادا شديدا ، فإني كنت أعرف غيرة الوهابي في أمور
الدين ، فطلبت من الله أن يلهمني جوابا موافقا للحق ولا يغضبه ، ثم قلت : إن قاعدة
كل دين ، يا ابن سعود ، الإيمان بالله ، فيعتقد النصارى أنه لا إليه إلا الله ،
وأنه يعاقب الظالمين ويعفو عن التائبين ويجزي بالخير الصالحين ، وأنه عظيم رحيم
قادر على كل شيء ، كما أنك تعتقد ذلك. فقال الملك : مليح ، فكيف تصلون؟ فقرأت له
الباتر ، فأمر كاتبه بكتابته مني ، فلما فرغ من الكتابة قرأه
الملك ثم وضعه في جيبه واستمر في سؤالاته فقال : إلى أي ناحية من نواحي السماء
تتلفتون إذا صليتم؟ فقلت : إلى أي ناحية كانت ، حيث الله في كل مكان. فقال الوهابي
: أمدحكم على ذلك. وهل فرض عليكم غير الصلاة؟
__________________