فقرأت له الوصايا العشر التي وصى بها موسى ، فظهر منه أنه كان يعرفها. واستمر في سؤالاته فقال : وكيف تعتبرون المسيح ، ابن مريم؟.
فقلت : هو كلمة الله المتجسدة.
فقال : ولكنه صلب.
قلت : نعم ، وبحيث أنه كلمة لم يمت ، وبحيث أنه بشر قاسى عذابا من الظالمين (١).
قال : عظيم. وأما الكتاب الذي أوحي به إليه ، فهل هو معظم عندكم وتعملون به؟
قلت : منا صلحاء ومنا فاسقون ، فالصلحاء يعظمونه ويعملون به ، والفاسقون يخالفون وصاياه.
فقال : جعل الترك نبيهم إلها يصلون على مقامه ، لعن الله ، من يشركه ، فليضربنهم السيف. ثم بالغ في شتم الترك على عادته ، واستحرم شرب الدخان والنبيذ وأكل اللحوم غير الطاهرة.
وأما أنا فشكرت الله حيث خلصني من مسائل صعبة خطرة في اعتقادي. وفي هذا الوقت ما كنت أخالف الملك في أمور مثل شرب الدخان ، بل وافقته في الجميع ولمت معه ذلك الحشيش الملعون على تسميته إيّاه. فتبسم الدريعي الذي كان يعلم أنه لا يمكنني الإمتناع عن شرب الدخان. ولقد كنت كلما أخلو به أخرج عودي العزيز علي من كيسه فأشرب ، وكانت تشتد بي شهوة الدخان حيث كان الحديث ، وشربنا قهوة ثقيلة ، فتبين أن الملك انبسط من حديثنا فقال لي : أرى أن الإنسان يتعلم طول عمره ، فإني كنت من قبل أظن أن النصارى يتوهمون في مسائل الدين أقصى التوهم ، والآن أراهم أقرب إلى الحق من جنس الترك بكثير.
وبالجملة فيكون ابن سعود عالما فصيحا بالنسبة لغيره من العرب ، ولكنه شديد الغيرة على الدين ، حتى أنه يطلب دم من يخرج من اعتقاده ويخالف إيمانه.
وله زوجة وأمة وابنان متزوجان وابنة لم تبلغ بعد. ولا يأكل إلا ما طبخت له نسوته خوفا من السم.
__________________
(١) في المخطوطة : «استغفر الله العظيم ولا نكون من الكافرين ، إن روح الله يظلل و [لا] يصلب ، ولكن شبه به».