[من حديث البادية : الخوّة]
ولكن قبل ذلك حين كنت بعد بالفراش ، وقعت نكتة عجيبة وهو أنه في ذات يوم حدث أن تاجر غنم كان آتيا من ديرة الأناضول وذاهبا إلى دمشق ومعه نحو عشرة آلاف رأس غنم كبار عظام. فوصل إلى الرستن الذي هو ما بين حمص وحماة. فهناك رأى ثلاثة من العرب. فقال الواحد منهم للتاجر : هل لك أن تؤاخيني؟ فضحك التاجر من عقله وقال له : أأنا خائف حتى أؤاخيك؟ معي خمسون باروديا. فقال له البدوي : اسمع مني آخيني وأنا أرضى بشيء قليل ، وتم الاتفاق على غرشين وقبضة (١) توتون. فأعطى التاجر غرشين وقبضة توتون ، وظن أن البدوي عمل حيلة لأنه محتاج حتى يأخذ بعض الدراهم. أما البدوي فإنه أخذ الغرشين والتوتون ووهب الكل إلى رفيقيه الاثنين وقال لهما : اشهد أنه صار أخي ، لأن هذه العادة عند العرب : أنهم يفرقون على العرب أول شيء يأخذونه خوة ويشهدونهم ، والسبب أنه إذا ادعى بدوي يريد تخليص شيء أنه أخذ من أخيه فيجب أن يكون عنده شهود يشهدون له أنه أخوه حقيقة وقد خاواه على يد شهود ، وأكل الشهود وقت عقد الخوة : هكذا عادتهم.
فبعد ذلك سافر البدوي ورفيقاه وسافر التاجر قاصدا دمشق. وبينما هو في الطريق في مكان يقال له عيون العلق ، بالقرب من دمشق ، إذ نفذت عليه العرب وتحارب معهم
__________________
(١) «كمشة».