في شي مما أخبر عنه ، لا في وصف سعود ولا كلامه ولا أفعاله ، ولا صدق من جهة وصف الدرعية ولا عادات جماعات سعود وعزائمهم ، ولا أسماء الوزراء ، ولا أبو مسلم ولا الحضرموتي ولا هيدل (١) ، ولا في عدد أقارب سعود (٢) ولا أولاده ، ولا في طعامه ولا في مال الحجرة ـ أربعين جمل تحمل الجواهر خاصة ـ ولا في قوله أن أهل المدينة وأهل مكة (٣) واليمن يأتون إلى الدرعية في كل أربعاء للسوق وخروج النسوة ، ولا أرى هذا الرجل إلا كذاب مزور أشر بطر.
ولنا صاحب من أكبر أهل الدرعية ، ابن للشيخ الوهابي ، موجود الآن تحت سفرية أفندينا الخديوي ، اسمه إبراهيم ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، من المشايخ الركع العبّاد العلماء ، لما عرضت عليه كلام هذا النصراني ، رأي مثل ما رأيت ، وكذبه مثل ما كذبته ، وأخبر أن الدريعي ما قدم الدرعية ، لا في أيام سعود ، ولا في أيام أبيه عبد العزيز ولا في أيام ابنه ، وقد أشرت في الكتابة بتكذيبه باختصار ، وهذه إشارة بالإجمال ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم». هذا كلامه بحروفه (٤).
قال الفقير إلى ربه تعالى فتح الله الصايغ النصراني الشامي في كتاب رحلته ما معناه :
«ثم وصلنا إلى كرسي مملكة الوهابية ، بعد أربعة عشر يوما من سفرنا من الشام (٥) ، ونحن راكبون على الهجن ، فالمسافة كلها قدر أربعين يوما من سفر القوافل ومشي الجمال ، والمسافرون ـ غير الفقير ـ أحد عشر وهم : الدريعي بن شعلان ، شيخ الرولة ، وكان يحكم على القبائل الشمالية والشرقية جميعها من حدود الهند إلى البصرة وحد نجد ، ومن العراق والجزيرة والحماد إلى الشامين وحوران والجليل» (٦).
__________________
(١) الصايغ يكتب : أبو السلام وعبد الله الهدّال.
(٢) وصف الصايغ عبد الله بن سعود ، أما الشيخ الحنبلي فيتكلم عن سعود.
(٣) الصايغ تكلم عن أهل مخا.
(٤) من الجدير بالتنبيه إليه أن الشيخ الحنبلي ، عند ما كتب هذا التعليق ، كان عمره زاد على تسعين سنة ، وكان مضى على مغادرته الدرعية نحو خمس عشرة سنة.
(٥) كان السفر من الصحراء المعروفة بالحماد ، قرب هيت ، على الفرات.
(٦) هذا الوصف لسطوة الدريعي غير موجود في الرحلة.