جدا من الشرط الأول وقال هذا ألزم من جميع الشروط ، لأن هؤلاء الناس لا يحبون من يفتح لهم سيرة ديانتهم ، بل مرادهم دائما كتمانها ويظنون أن ليس هناك من يعرف أنهم روافض.
ثم بعد ذهاب الهجان بيومين ، وإذ أرسل الرديني خبرا قبل وصوله إلى عندنا أنه آت ليضيفنا. فركب الدريعي وجميع الكبار وأولاد الدريعي والشيخ إبراهيم وأنا ، وكنا نحو ثلاث مئة خيال وركضنا لملاقاتهم. وإذ وصل إلينا الأمير الرديني وكان ركبه من نحو خمس مئة خيال ، كلهم بألبسة مفتخرة وسلاح عظيم وتفنك مفضضة وسيوف ثمينة ورماح رؤوسها مفضضة ، عظام ، أكابر. فاستقبلناه وترحبنا به وجلس. وهو رجل شاب ، عمره نحو أربعين سنة فقط ، لأن والده كان توفي من مدة قصيرة ، وهو ورث الحكم من بعده. وأراد الدريعي أن يعد له غداء ، فما قبل إلا بشرب القهوة. ثم طلب خلوة ، من بعد كلام كثير عن أحوال البلاد وغيرها من الأديار ، وأمور الوهابي ومادة حماة مع المذكور ، وشكر الدريعي على فعله. ثم اختلينا ، وكان بالخلوة هو وابن عمه واثنان آخران من مدبري قبيلته. فقال الرديني : يا إخواننا ليس من الضروري أن أعرف أمورا كثيرة ، أطلعوني على الورقة التي عملها لكم الأمير سعد وأنا على موجبها أعطيكم واحدة نظيرها. فأريناه إياها وقرأنا له الشروط ، فأعجبه ذلك ، وبالحال كتب بيده ورقة مثل ورقة سعد كلمة بكلمة وختمها وقدمها لنا. فقمنا ٢ / ١٠٣ بعد / (١) ذلك لشرب القهوة ، وصار بيننا وبينه محبة وكلام ثابت. فقال الدريعي : يا أمير ، يجب أن يصير بيننا خبز وملح. فامتنع لأنه رافضي جدا ، لا يأكل من أكلنا. ففهم الشيخ إبراهيم ذلك ، فذهب حالا وأتى برغيف خبز وقليل من الملح وقال للرديني والدريعي : تخاوا واعقدا الحلف على هذا الخبز والملح وكلاهما (٢). فتحالفا عليهما وأكلا الرغيف والملح وحدهما فقط. ثم طلب الرديني الذهاب ، فقدم له الدريعي فرسا من أحسن خيول قبائلنا ، أخذها الدريعي من أحد عرباننا ، وأعطاه بدلا منها فرسا من عنده وأربعين جملا حتى رضي. فسر منها الرديني جدا إذ ليس بين خيله نظيرها ، لأن خيلهم ليست مشكورة لا بالحسن ولا بالفعل مثل خيلنا. ثم ودعناه وركبنا معه نحو ساعة من الزمن ثم رجعنا. وكنا استخبرنا عن قبيلته فعرفونا أنها تحتوي على ستة آلاف بيت ويقال لها المعازيز ، بارودهم أكثر من رماحهم.
__________________
(١) ابتداء الكراس رقم ١٣.
(٢) «وكلوه».