الجرز ، بسكون الراء. (فَنُخْرِجُ بِهِ) : أي بالماء ، وخص الزرع بالذكر ، وإن كان يخرج الله به أنواعا كثيرة من الفواكه والبقول والعشب المنتفع به في الطب وغيره ، تشريفا للزرع ، ولأنه أعظم ما يقصد من النبات ، وأوقع الزرع موقع النبات. وقدمت الأنعام ، لأن ما ينبت يأكله الأنعام أول فأول ، من قبل أن يأكل بنو آدم الحب. ألا ترى أن القصيل ، وهو شعير يزرع ، تأكله الأنعام قبل أن يسبل ؛ والبرسيم والفصفصة وأمثال ذلك تبادره الأنعام بالأكل قبل أن يأكل بنو آدم حب الزرع ، أو لأنه غذاء الدواب ، والإنسان قد يتغذى بغيره من حيوان وغيره ، أو بدأ بالأدنى ثم ترقى إلى الأشرف ، وهم بنو آدم؟ وقرأ أبو حيوة ، وأبو بكر في رواية : يأكل ، بالياء من أسفل. وقرأ الجمهور : (يُبْصِرُونَ) ، بياء الغيبة ؛ وابن مسعود : بتاء الخطاب. وجاءت الفاصلة : (أَفَلا يُبْصِرُونَ) ، لأن ما سبق مرئي ، وفي الآية قبله مسموع ، فناسب : (أَفَلا يَسْمَعُونَ). ثم أخبر تعالى عن الكفرة ، باستعجال فصل القضاء بينهم وبين الرسول على معنى الهزء والتكذيب. و (الْفَتْحُ) : الحكم ، قاله الجمهور ، وهو الذي يترتب عليه قوله : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ) إلخ ، ويضعف قول الحسن ومجاهد : فتح مكة ، لعدم مطابقته لما بعده ، لأن من آمن يوم فتح مكة ، إيمانه ينفعه ، وكذا قول من قال : يوم بدر. (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) : أي لا يؤخرون عن العذاب. ولما عرف غرضهم في سؤالهم على سبيل الهزء ، وقيل لهم : لا تستعجلوا به ولا تستهزؤا ، فكأن قد حصلتم في ذلك اليوم وآمنتم ، فلم ينفعكم الإيمان ، واستنظرتم في حلول العذاب ، فلم تنظروا ، فيوم منصوب بلا ينفع. ثم أمر بالإعراض عنهم وانتظار النصر عليهم والظفر بهم. (إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) للغلبة عليكم لقوله : (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (١) ، وقيل : إنهم منتظرون العذاب ، أي هذا حكمهم ، وإن كانوا لا يشعرون. وقرأ اليماني : منتظرون ، بفتح الظاء ، اسم مفعول ؛ والجمهور : بكسرها ، اسم فاعل ، أي منتظر هلاكهم ، فإنهم أحقاء أن ينتظر هلاكهم ، يعني : إنهم هالكون لا محالة ، أو : وانتظر ذلك ، فإن الملائكة في السماء ينتظرونه.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٥٢.