وصالح ولوط ، ويقال : لم تهلك قرية بعد نزول التوراة غير القرية التي مسخ أهلها قردة. وانتصب بصائر على الحال ، أي طرائق هدي يستبصر بها.
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ، وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ، وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ ، قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
لما قص الله تعالى من أنباء موسى وغرائب ما جرى له من الحمل به في وقت ذبح الأبناء ، ورميه في البحر في تابوت ، ورده إلى أمّه ، وتبني فرعون له ، وإيتائه الحكم والعلم ، وقتله القبطي ، وخروجه من منشئه فارا ، وتصاهره مع شعيب ، ورعيه لغنمه السنين الطويلة ، وعوده إلى مصر ، وإضلاله الطريق ، ومناجاة الله له ، وإظهار تينك المعجزتين العظيمتين على يديه ، وهي العصا واليد ، وأمره بالذهاب إلى فرعون ، ومحاورته معه ، وتكذيب فرعون وإهلاكه وإهلاك قومه ، والامتنان على موسى بإيتائه التوراة ؛ وأوحى تعالى بجميع ذلك إلى محمد رسوله صلىاللهعليهوسلم ؛ ذكره بإنعامه عليه بذلك ، وبما خصه من الغيوب التي كان لا يعلمها لا هو ولا قومه فقال : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ).
والأمر ، قيل : النبوّة والحكم الذي آتاه الله موسى. وقيل : الأمر : أمر محمد عليهالسلام أن يكون من أمته ، وهذا التأويل يلتئم معه ما بعده من قوله : (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً). وقيل : الأمر : هلاك فرعون بالماء ، ويحمل بجانب الغربي على اليم ، وبدأ أولا بنفي شيء خاص ، وهو أنه لم يحضر وقت قضاء الله لموسى الأمر ، ثم ثنى بكونه لم يكن من الشاهدين. والمعنى ، والله أعلم ؛ من الشاهدين بجميع ما أعلمناك به ، فهو نفي لشهادته جميع ما جرى لموسى ، فكان عموما بعد خصوص. وبجانب الغربي : من إضافة الموصوف إلى صفته عند قوم ، ومن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه عند قوم. فعلى