الثماني. أراد بذلك تقرير الخيار ، وأنه ثابت مستقر ، وأن الأجلين على السواء ، إما هذا ، وإما هذا من غير تفاوت بينهما في القضاء. وأما التتمة فموكولة إلى رأيي ، إن شئت أتيت بها وإلا لم أجبر عليها. وقيل : معناه فلا أكون متعديا ، وهو في نفي العدوان عن نفسه ، كقولك : لا إثم عليّ ولا تبعة. انتهى ، وجوابه الأول فيه تكثير. (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ) : أي على ما تعاهدنا عليه وتواثقنا ، (وَكِيلٌ) : أي شاهد. وقال قتادة : حفيظ. وقال ابن شجرة : رقيب ، والوكيل الذي وكل إليه الأمر ، فلما ضمن معنى شاهد ونحوه عدى بعلى.
(فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) : جاء على النبي صلىاللهعليهوسلم أنه وفي أطول الأجلين ، وهو العشر. وعن مجاهد : وفي عشر أو عشرا بعدها ، وهذا ضعيف. (وَسارَ بِأَهْلِهِ) : أي نحو مصر بلده وبلد قومه. والخلاف فيمن تزوّج ، الكبرى أم الصغرى ، وكذلك في اسمها. وتقدّم كيفية مسيره ، وإيناسه النار في سورة طه وغيرها. وقرأ الجمهور : جذوة ، بكسر الجيم ؛ والأعمش ، وطلحة ، وأبو حيوة ، وحمزة : بضمها ؛ وعاصم ، غير الجعفي : بفتحها. (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) : أي تتسخنون بها ، إذ كانت ليلة باردة ، وقد أضلوا الطريق.
(فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ، اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ، قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ، وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ، قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ).
من ، في : من شاطىء ، لابتداء الغاية ، ومن الشجرة كذلك ، إذ هي بدل من الأولى ، أي من قبل الشجرة. والأيمن : يحتمل أن يكون صفة للشاطىء وللوادي ، على معنى اليمن والبركة ، أو الأيمن : يريد المعادل للعضو الأيسر ، فيكون ذلك بالنسبة إلى موسى ، لا للشاطىء ، ولا للوادي ، أي أيمن موسى في استقباله حتى يهبط الوادي ، أو بعكس ذلك ؛ وكل هذه الأقوال في الأيمن مقول. وقرأ الأشهب العقيلي ، ومسلمة : في البقعة ، بفتح الباء. قال أبو زيد : سمعت من العرب : هذه بقعة طيبة ، بفتح الباء ، ووصفت البقعة بالبركة ، لما خصت به من آيات الله وأنواره وتكليمه لموسى عليهالسلام ، أو لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة. ويتعلق في البقعة بنودي ، أو تكون في موضع الحال من شاطىء.