على قومه وإهلاكهم ، و (الْقَرْيَةِ) : سدوم ، وفيها قيل : أجور من قاضي سدوم. (كانُوا ظالِمِينَ) : أي قد سبق منهم الظلم. واستمر على الأيام السالفة وهم مصرون ، وظلمهم : كفرهم وأنواع معاصيهم. ولما ذكروا لإبراهيم : (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) ، أشفق على لوط فقال : (إِنَّ فِيها لُوطاً). ولما عللوا الإهلاك بالظلم ، قال لهم : فيها من هو بريء من الظلم ، (قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها) : أي منك ، وأخبر بحاله. ثم أخبروه بإنجائهم إياه (وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ). وقرأ حمزة ، والكسائي : (لَنُنَجِّيَنَّهُ) ، مضارع أنجى ؛ وباقي السبعة : مضارع نجى ؛ والجمهور : بشد النون ؛ وفرقة : بتخفيفها.
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) : تقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، إلّا أن هنا زيدت ، أن بعد لما ، وهو قياس مطرد. وقال الزمخشري أن صلة أكدت وجود الفعلين مترتبا أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما ، كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان ، كأنه قيل : لما أحس بمجيئهم ، فاجأت المساءة من غير وقت خيفة عليهم من قومه. انتهى. وهذا الذي ذكره في الترتيب هو مذهب سيبويه ، إذ مذهبه. أن لما : حرف لا ظرف ، خلافا للفارسي ، وهذا مذكور في علم النحو. وقرأ العربيان ، ونافع ، وحفص : (مُنَجُّوكَ) ، مشددا ؛ وباقي السبعة : مخففا ، والكاف في مذهب سيبويه في موضع جر. (وَأَهْلَكَ) : منصوب على إضمار فعل ، أي وننجي أهلك. ومن راعى هذا الموضع ، عطفه على موضع الكاف ، والكاف على مذهب الأخفش وهشام في موضع نصب ، وأهلك معطوف عليه ، لأن هذه النون كالتنوين ، وهما على مذهبهما يحذفان للطافة الضمير وشدة طلبه الاتصال بما قبله. وقرأ الجمهور : سيء ، بكسر السين ؛ وضمها نافع وابن عامر والكسائي. وقرأ عيسى ، وطلحة : سوء ، بضمها ، وهي لغة بني هذيل. وبني وبير يقولون في قيل وبيع ونحوهما : قول وبوع. وقرىء : منزلون ، مخففا ومشددا ؛ وابن محيصن : رجزا ، بضم الراء ؛ وأبو حيوة والأعمش : بكسر سين يفسقون. والظاهر أن الضمير في منها عائد على القرية ، فقال ابن عباس : منازلهم الخربة. وحكى أبو سليمان الدمشقي أن الآية في قريتهم ، إلا أن أساسها أعلاها ، وسقوفها أسفلها إلى الآن. وقال الفراء : المعنى تركناها آية ، يقول : إن في السماء لآية ، يريد أنها آية. انتهى ، وهذا لا يتجه إلا على زيادة من في الواجب ، نحو قوله : أمهرت منها جبة وتيسا ، يريد : أمهرتها ؛ وكذلك : ولقد تركناها آية ، وقيل : الهاء في منها عائدة على الفعلة التي فعلت بهم ، فقيل : الآية : الحجارة التي أدركتها أوائل هذه الأمة ، قاله قتادة ؛ وقيل : الماء الأسود