بالرفق بالكفار واللطف بهم في القول ، وأن لا يعاملوهم ، بمثل أفعالهم وأقوالهم ، فعلى هذا يكون المعنى (قُلْ لِعِبادِي) المؤمنين (يَقُولُوا) للمشركين الكلم (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). وقيل : المعنى (يَقُولُوا) أي يقول بعض المؤمنين لبعض الكلم التي هي أحسن أي يجل بعضهم بعضا ويعظمه ، ولا يصدر منه إلّا الكلام الطيب والقول الجميل ، فيكونوا مثل المشركين في معاملة بعضهم بعضا بالتهاجي والسباب والحروب والنهب للأموال والسبي للنساء والذراري.
وقيل : عبادي هنا المشركون إذا المقصود هنا الدعاء إلى الإسلام ، فخوطبوا بالخطاب الحسن ليكون ذلك سببا إلى قبول الدين فكأنه قيل : قل للذين أقروا أنهم عباد لي يقولوا (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الولد واتخاذ الملائكة بنات فإن ذلك من نزغ الشيطان ووسوسته وتحسينه. وقيل : عبادي شامل للفريقين المؤمنين والكافرين على ما يأتي تفسير (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) والذي يظهر أن لفظة عبادي مضافة إليه تعالى كثر استعمالها في المؤمنين في القرآن كقوله (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) (١) (فَادْخُلِي فِي عِبادِي عَيْناً) (٢) (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) (٣).
و (قُلْ) خطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهو أمر ، ومعمول القول محذوف تقديره قولوا (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وانجزم (يَقُولُوا) على أنه جواب للأمر الذي هو قل قاله الأخفش ، وهو صحيح المعنى على تقدير أن يكون عبادي يراد به المؤمنون لأنهم لمسارعتهم لامتثال أمر الله تعالى بنفس ما يقول لهم ذلك قالوا (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). وعن سيبويه إنه انجزم على جواب لشرط محذوف ، أي إن يقل لهم (يَقُولُوا) فيكون في قوله حذف معمول القول وحذف الشرط الذي (يَقُولُوا) جوابه. وقال المبرد : انجزم جوابا للأمر الذي هو معمول (قُلْ) أي قولوا (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ يَقُولُوا). وقيل معمول (قُلْ) مذكور لا محذوف وهو (يَقُولُوا) على تقدير لام الأمر وهو مجزوم بها قاله الزّجاج. وقيل : (يَقُولُوا) مبني وهو مضارع حل محل المبني الذي هو فعل الأمر فبني ، والمعنى (قُلْ لِعِبادِي) قولوا قاله المازني ، وهذه الأقوال جرت في قوله (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (٤) وترجيح ما ينبغي أن يرجح مذكور في علم النحو.
__________________
(١) سورة الزمر : ٣٩ / ١٧.
(٢) سورة الفجر : ٨٩ / ٢٩.
(٣) سورة الإنسان : ٧٦ / ٦.
(٤) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣١.