قصد منه إلى الشعور بنا ، سمي ذلك إشعارا منه بهم لأنه سبب فيه. وقرأ أبو صالح ويزيد بن القعقاع وقتيبة (وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ) أحد ببناء الفعل للفاعل ، ورفع أحد.
والضمير في (إِنَّهُمْ) عائد على ما دل عليه المعنى من كفار تلك المدينة. وقيل : ويجوز أن يعود على (أَحَداً) لأن لفظه للعموم فيجوز أن يجمع الضمير كقوله (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (١) ففي حاجزين ضمير جمع عائد على أحد.
وقال الزمخشري : الضمير في (إِنَّهُمْ) راجع إلى الأهل المقدر في (أَيُّها) والظهور هنا الإطلاع عليهم والعلم بمكانهم. وقيل : العلو والغلبة. وقرأ زيد بن عليّ يظهروا بضم الياء مبنيا للمفعول ، والظاهر الرجم بالحجارة وكان الملك عازما على قتلهم لو ظفر بهم ، والرجم كان عادة فيما سلف لمن خالف من الناس إذ هي أشفى ولهم فيها مشاركة. وقال حجاج : معناه بالقول يريد السب وقاله ابن جبير (أَوْ يُعِيدُوكُمْ) يدخلوكم فيها مكرهين ، ولا يلزم من العود إلى الشيء التلبس به قبل إذ يطلق ويراد به الصيرورة (وَلَنْ تُفْلِحُوا) إن دخلتم في دينهم و (إِذاً) حرف جزاء وجواب ، وقد تقدم الكلام عليها وكثيرا ما يتضح تقدير شرط وجزاء.
(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً).
قبل هذا الكلام جمل محذوفة التقدير فبعثوا أحدهم ونظر أيها أزكى طعاما وتلطف ، ولم يشعر بهم أحدا فأطلع الله أهل المدينة على حالهم وقصة ذهابه إلى المدينة وما جرى له مع أهلها ، وحمله إلى الملك وادعائهم عليه أنه أصاب كثيرا من كنوز الأقدمين ، وحمل الملك ومن ذهب معه إليهم مذكور في التفاسير ذلك بأطول مما جرى والله أعلم بتفاصيل ذلك ، ويقال عثرت على الأمر إذا اطّلعت عليه وأعثرني غيري إذا أطلعني عليه ، وتقدم الكلام على هذه المادة في قوله (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) (٢) ومفعول (أَعْثَرْنا)
__________________
(١) سورة الحاقة : ٦٩ / ٤٧.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ١٠٧.