قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البحر المحيط في التّفسير [ ج ٧ ]

434/594
*

(هؤُلاءِ) إشارة إلى المخاطبين قبل وهم كفار قريش ، ومن اتخذ آلهة من دون الله أخبر تعالى أنه متع (هؤُلاءِ) الكفار (وَآباءَهُمْ) من قبلهم بما رزقهم من حطام الدنيا حتى طالت أعمارهم في رخاء ونعمة ، وتدعسوا في الضلالة بإمهاله تعالى إياهم وتأخيرهم إلى الوقت الذي يأخذهم فيه (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ). تقدم تفسير هذه الجملة في آخر الرعد. واقتصر الزمخشري من تلك الأقوال على معنى أنّا ننقص أرض الكفر ودار الحرب ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها وردها دار إسلام قال : فإن قلت : أي فائدة في قوله (نَأْتِي الْأَرْضَ)؟ قلت : الفائدة فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدي المسلمين ، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين وتأتيها غالبة عليها ناقصة من أطرافها انتهى. وفي ذلك تبشير للمؤمنين بما يفتح الله عليهم ، وأكثر المفسرين على أنها نزلت في كفار مكة وفي قولهم : (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) دليل على ذلك إذا المعنى أنهم هم الغالبون ، فهو استفهام فيه تقريع وتوبيخ حيث لم يعتبروا بما يجري عليهم.

ثم أمره تعالى أن يقول (إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) أي أعلمكم بما تخافون منه بوحي من الله لا من تلقاء نفسي ، وما كان من جهة الله فهو الصدق الواقع لا محالة كما رأيتم بالعيان من نقصان الأرض من أطرافها ، ثم أخبر أنهم مع إنذارهم معرضون عما أنذروا به فالإنذار لا يجدي فيهم إذ هم صم عن سماعه. ولما كان الوحي من المسموعات كان ذكر الصمم مناسبا و (الصُّمُ) هم المنذرون ، فأل فيه للعهد وناب الظاهر مناب المضمر لأن فيه التصريح بتصامهم وسد أسماعهم إذا أنذروا ، ولم يكن الضمير ليفيد هذا المعنى ونفي السماع هنا نفي جدواه.

وقرأ الجمهور (يَسْمَعُ) بفتح الياء والميم (الصُّمُ) رفع به و (الدُّعاءَ) نصب. وقرأ ابن عامر وابن جبير عن أبي عمرو وابن الصلت عن حفص بالتاء من فوق مضمومة وكسر الميم (الصُّمُّ الدُّعاءَ) بنصبهما والفاعل ضمير المخاطب وهو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقرأ كذلك إلا أنه بالياء من تحت أي (وَلا يَسْمَعُ) الرسول وعنه أيضا (وَلا يَسْمَعُ) مبنيا للمفعول (الصُّمُ) رفع به ذكره ابن خالويه. وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي عن اليزيدي عن أبي عمرو (يَسْمَعُ) بضم الياء وكسر الميم (الصُّمُ) نصبا (الدُّعاءَ) رفعا بيسمع ، أسند الفعل إلى الدعاء اتساعا والمفعول الثاني محذوف ، كأنه قيل : ولا يسمع النداء الصم شيئا.

ثم أخبر تعالى أن هؤلاء الذين صموا عن سماع ما أنذروا به إذا نالهم شيء مما