محمدا إليهم والذل والخزي مقترنان بعذاب الآخرة. وقيل (نَذِلَ) في الدنيا و (نَخْزى) في الآخرة. وقيل : الذل الهوان والخزي الافتضاح.
وقرأ الجمهور (نَذِلَّ وَنَخْزى) مبنيا للفاعل ، وابن عباس ومحمد بن الحنفية وزيد بن علي والحسن في رواية عباد والعمري وداود والفزاري وأبو حاتم ويعقوب مبنيا للمفعول.
(قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا) أي منتظر منا ومنكم عاقبة أمره ، وفي ذلك تهديد لهم ووعيد وأفرد الخبر وهو (مُتَرَبِّصٌ) حملا على لفظ (كُلٌ) كقوله (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (١) والتربص التأني والانتظار للمفرج و (مَنْ أَصْحابُ) مبتدأ وخبر علق عنه (فَسَتَعْلَمُونَ) وأجاز الفراء أن تكون ما موصولة بمعنى الذي فتكون مفعولة بفستعلمون و (أَصْحابُ) خبر مبتدأ محذوف تقديره الذي هم أصحاب ، وهذا جار على مذهب الكوفيين إذ يجيزون حذف مثل هذا الضمير مطلقا سواء كان في الصلة طول أم لم يكن وسواء كان الموصول أيا أم غيره.
وقرأ الجمهور (السَّوِيِ) على وزن فعيل أي المستوي. وقرأ أبو مجلز وعمران بن حدير السواء أي الوسط. وقرأ الجحدري وابن يعمر السوأى على وزن فعلى أنث لتأنيث (الصِّراطِ) وهو مما يذكر ويؤنث تأنيث الأسواء من السوأى على ضد الاهتداء قوبل به (وَمَنِ اهْتَدى) على الضد ومعناه (فَسَتَعْلَمُونَ) أيها الكفار من على الضلال ومن على الهدى ، ويؤيد ذلك قراءة ابن عباس الصراط السوء وقد روي عنهما أنهما قرآ السوأى على وزن فعلى ، فاحتمل أن يكون أصله السووي إذ روي ذلك عنهما فخفف الهمزة بإبدالها واوا وأدغم ، واحتمل أن يكون فعلى من السواء أبدلت ياؤه واوا وأدغمت الواو وفي الواو ، وكان القياس أنه لما بني فعلى من السواء ان يكون السويا فتجتمع واو وياء ، وسبقت إحداهما بالسكون فتقلب الواو ياء وتدغم في الياء ، فكان يكون التركيب السياء. وقرىء السويّ بضم السين وفتح الواو وشد الياء تصغير السوء. قاله الزمخشري ، وليس بجيد إذ لو كان تصغير سوء لثبتت همزته في التصغير ، فكنت تقول سؤيي والأجود أن يكون تصغير سواء كما قالوا في عطاء عطي. ومن قرأ السوأى أو السوء كان في ذلك مقابلة لقوله (وَمَنِ اهْتَدى) وعلى قراءة الجمهور لم تراع المقابلة في الاستفهام.
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٨٤.