ارتفاق لأهل النار ولا اتكاء. وقال ابن الأنباري : ساءت مطلبا للرفق ، لأن من طلب رفقا من جهنم عدمه. وقال ابن عطية : قريبا من قول ابن الأنباري. قال : والأظهر عندي أن يكون المرتفق بمعنى الشيء الذي يطلب رفقه باتكاء وغيره. وقال أبو عبد الله الرازي : والمعنى بئس الرفقاء هؤلاء ، وبئس موضع الترافق النار.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١)
لما ذكر تعالى حال أهل الكفر وما أعد لهم في النار ذكر حال أهل الإيمان وما أعد لهم في الجنة ، وخبر (إِنَ) يحتمل أن تكون الجملة من قوله أولئك لهم. وقوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) الجملة اعتراض. قال ابن عطية : ونحو هذا من الاعتراض قول الشاعر :
إن الخليفة إن الله ألبسه |
|
سربال ملك به ترجى الخواتيم |
انتهى ، ولا يتعين في قوله إن الله ألبسه أن يكون اعتراضا هي اسم إن وخبرها الذي هو ترجى الخواتيم ، يجوز أن يكون إن الله ألبسه هو الخبر ، ويحتمل أن يكون الخبر قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ) والعائد محذوف تقديره (مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) منهم. أو هو قوله (مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) على مذهب الأخفش في ربطه الجملة بالاسم إذا كان هو المبتدأ في المعنى ، لأن (مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) هم (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فكأنه قال : إنّا لا نضيع أجرهم ، ويحتمل أن تكون الجملتان خبرين لأن على مذهب من يقتضي المبتدأ خبرين فصاعدا من غير شرط أن يكونا ، أو يكن في معنى خبر واحد.
وإذا كان خبر (إِنَ) قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) كان قوله (أُولئِكَ) استئناف اخبار موضح لما انبهم في قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) من مبهم الجزاء. وقرأ عيسى الثقفي (لا نُضِيعُ) من ضيع عداه بالتضعيف ، والجمهور من أضاع عدوّه بالهمزة ، ولما ذكر مكان أهل الكفر وهو النار. ذكر مكان أهل الإيمان وهي (جَنَّاتُ عَدْنٍ) ولما ذكر هناك ما يغاثون به وهو الماء كالمهل ذكر هنا ما خص به أهل الجنة من كون الأنهار تجري من تحتهم ، ثم ذكر ما أنعم عليهم من التحلية واللباس اللذين هما زينة ظاهرة. وقال سعيد بن جبير : يحلى كل واحد ثلاثة أساور سوار من ذهب ، وسوار من فضة ، وسوار من لؤلؤ ويواقيت.