التوراة وبقي بقيته عندهم ببابل في الدل ، فلما غزاهم ذلك الملك وغلب على بابل تزوج امرأة من بني إسرائيل فطلبت منه أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل ، وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء فرجعوا إلى أحسن ما كانوا. وقيل : الكرة تقوية طالوت حتى حارب جالوت ونصر داود على قتل جالوت. وقال قتادة : كانوا أكثر شرا في زمان داود عليهالسلام. وانتصب (نَفِيراً) على التمييز. فقيل : النفير والنافر واحد وأصله من ينفر مع الرجل من عشيرته وأهل بيته قاله أبو مسلم. وقال الزجاج : يجوز أن يكون جمع نفر ككلب وكليب وعبد وعبيد ، وهم المجتمعون للمصير إلى الأعداء. وقيل : النفير مصدر أي أكثر خروجا إلى الغزو كما في قول الشاعر :
فأكرم بقحطان من والد |
|
وحمير أكرم بقوم نفيرا |
ويروى بالحميريين أكرم نفيرا ، والمفضل عليه محذوف قدره الزمخشري وأكثر نفيرا مما كنتم وقدره غيره ، وأكثر نفيرا من الأعداء.
(إِنْ أَحْسَنْتُمْ) أي أطعتم الله كان ثواب الطاعة لأنفسكم ، (وَإِنْ أَسَأْتُمْ) بمعصيته كان عقاب الإساءة لأنفسكم لا يتعدّى الإحسان والإساءة إلى غيركم ، وجواب وإن أسأتم قوله : (فَلَها) على حذف مبتدأ محذوف ولها خبره تقديره فالإساءة لها. قال الكرماني : جاء فلها باللام ازدواجا انتهى. يعني أنه قابل قوله لأنفسكم بقوله فلها. وقال الطبري : اللام بمعنى إلى أي فإليها ترجع الإساءة. وقيل اللام بمعنى على أي فعليها كما في قوله :
فخر صريعا لليدين وللقم
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي المرة الآخرة في إفسادكم وعلوكم ، وجواب إذا محذوف يدل عليه جواب إذا الأولى تقديره بعثناهم عليكم وإفسادهم في ذلك بقتل يحيى بن زكريا عليهماالسلام. وسبب قتله فيما روي عن ابن عباس وغيره : أن ملكا أراد أن يتزوج من لا يجوز له نكاحها ، فنهاه يحيى بن زكريا وكان لتلك المرأة حاجة كل يوم عند الملك تقضيها ، فألقت أمها إليها أن تسأله عن ذبح يحيى بن زكريا بسبب ما كان منعه من تزوج ابنتها فسألته ذلك ، فدافعها فألحق عليه فدعا بطست فذبحه فندرت قطرة على الأرض فلم تزل تغلي حتى بعث الله عليهم بخت نصر وألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ، فقتل عليه منهم سبعين ألفا.
وقال السهيلي : لا يصح أن يكون المبعوث في المرة الآخرة بخت نصر لأن قتل يحيى بعد رفع عيسى ، وبخت نصر كان قبل عيسى بزمن