الجهاد الذي يؤمرون به قسرا لأنهم يرون ذلك عذابا. وقال ابن زيد : مرتين هما عذاب الدنيا بالأموال والأولاد كل صنف عذاب فهو مرتان ، وقرأ (فَلا تُعْجِبْكَ) (١) الآية. وقيل : إحراق مسجد الضرار ، والآخر إحراقهم بنار جهنم. ولا خلاف أن قوله : إلى عذاب عظيم هو عذاب الآخرة وفي مصحف أنس سيعذبهم بالياء ، وسكن عياش عن أبي عمر والياء.
(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : نزلت في عشرة رهط تخلفوا عن غزوة تبوك فلما دنا الرسول صلىاللهعليهوسلم من المدينة أوثق سبعة منهم. وقيل : كانوا ثمانية منهم : كردم ، ومرداس ، وأبو قيس ، وأبو لبابة. وقيل : سبعة. وقيل : ستة أوثق ثلاثة منهم أنفسهم بسواري المسجد ، فيهم أبو لبابة. وقيل : كانوا خمسة. وقيل : ثلاثة أبو لبابة بن عبد المنذر ، وأوس بن ثعلبة ، ووديعة بن خذام الأنصاري. وقيل : نزلت في أبي لبابة وحده. ويبعد ذلك من لفظ وآخرون ، لأنه جمع ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسجد حين قدم فصلى فيه ركعتين ، وكانت عادته كلما قدم من سفر ، فرآهم موثقين فسأل عنهم : فذكروا أنهم أقسموا لا يحلون أنفسهم حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي يحلهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وأنا أقسم أن لا أحلهم حتى أومر فيهم ، رغبوا عني ، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين» فنزلت ، فأطلقهم وعذرهم. وقال مجاهد : نزلت في أبي لبابة في شأنه مع بني قريظة حين استشاروه في النزول على حكم الله ورسوله ، فأشار هو لهم إلى حلقه يريد أنّ الرسول صلىاللهعليهوسلم يذبحهم إن نزلوا ، فلما افتضح تاب وندم ، وربط نفسه في سارية في المسجد ، وأقسم أن لا يطعم ولا يشرب حتى يعفو الله عنه أو يموت ، فمكث كذلك حتى عفا الله عنه. والاعتراف : الإقرار بالذنب عملا صالحا توبة وندما ، وآخر سيئا. أي تخلفا عن هذه الغزاة قاله : الطبري ، أو خروجا إلى الجهاد قبل. وتخلفا عن هذه قاله : الحسن وغيره. أو توبة وإثما قاله : الكلبي. وعطف أحدهما على الآخر دليل على أنّ كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به ، كقولك : خلطت الماء واللبن ، وهو بخلاف خلطت الماء باللبن ، فليس فيه إلا أنّ الماء خلط باللبن ، قال معناه الزمخشري : ومتى خلطت شيئا شيء صدق على كل واحد منهما أنه مخلوط ومخلوط به ، من حيث مدلولية الخلط ، لأنها أمر نسبي. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون من قولهم : بعت الشاء شاة ودرهما ، بمعنى شاة بدرهم.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٥٥.