(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ). أي أتشركون الأصنام وهي لا تقدر على خلق شيء كما يخلق الله وهم يخلقون أي يخلقهم الله تعالى ويوجدهم كما يوجدكم أو يكون معناه وهم ينحتون ويصنعون فعبدتهم يخلقونهم وهم لا يقدرون على خلق شيء فهم أعجز من عبدتهم (وَهُمْ) عائد على معنى ما وقد عاد الضمير على لفظ ما في (يَخْلُقُ) وعبّر عن الأصنام بقوله (وَهُمْ) كأنها تعقل على اعتقاد الكفار فيها وبحسب أسمائهم. وقيل أتى بضمير من يعقل لأنّ جملة من عبد الشياطين والملائكة وبعض بني آدم فغلب من يعقل كل مخلوق لله تعالى ويحتمل أن يكون (وَهُمْ) عائدا على ما عاد عليه ضمير الفاعل في (أَيُشْرِكُونَ) أي وهؤلاء المشركون يخلقون أي كان يجب أن يعتبروا بأنهم مخلوقون فيجعلوا إلههم خالقهم لا من لا يخلق شيئا. وقرأ السلمي أتشركون بالتاء من فوق فيظهر أن يكون (وَهُمْ) عائدا على ما على معناها ومن جعل ذلك في آدم وحواء قال : إنّ إبليس جاء إلى آدم وقد مات له ولد اسمه عبد الله فقال إن شئت أن يعيش لك الولد فسمّه عبد شمس فسماه كذلك فإياه عنى بقوله (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) عائد على آدم وحوّاء والابن المسمى عبد شمس.
(وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) أي ولا تقدر الأصنام لمن يعبدهم على نصر ولا لأنفسهم إن حدث بهم حادث بل عبدتهم الذين يدفعون عنها ويحمونها ومن لا يقدر على نصر نفسه كيف يقدر على نصر غيره.
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) الظاهر أن الخطاب للكفار انتقل من الغيبة إلى الخطاب على سبيل الالتفات والتوبيخ على عبادة غير الله ويدلّ على أنّ الخطاب للكفار قوله بعد (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) وضمير المفعول عائد على ما عادت عليه هذه الضمائر قبل وهو الأصنام والمعنى وإن تدعوا هذه الأصنام إلى ما هو هدى ورشاد أو إلى أن يهدوكم كما تطلبون من الله الهدى والخير لا يتبعوكم على مرادكم ولا يجبوكم أي ليست فيهم هذه القابلية لأنها جماد لا تعقل ثم أكد ذلك بقوله (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أي دعاؤكم إياهم وصمتكم عنهم سيّان فكيف يعبد من هذه حاله؟ وقيل : الخطاب للرسول والمؤمنين وضمير النصب للكفار أي وإن تدعوا الكفار إلى الهدى لا يقبلوا منكم فدعاؤكم وصمتكم سيّان أي ليست فيهم قابلية قبول ولا هدى ، وقرأ الجمهور لا يتبعوكم مشددا هنا وفي (الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (١) من اتبع ومعناها
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٢٤.