جميعه من الفضة
الخالصة ، ورخت طويل إلى الأرض مرصع ، وعلى ذلك التخت اللورد ليتون حكمدار الهند ،
وهو رجل ضخم الجسم أحمر اللحية وكان على يساره زوجته وخلفه فيل مثله في الحلية
عليه بنتان صغيرتان ، وخلفهم نحو عشرة أفيال أقل من الفيل الأوّل في الحلية وعليهم
أتباع ذلك الحكمدار وخدامه ، ثم أقبلت أفيال أخر نحو العشرة وجميعها بالحلى
الفاخرة وعليهم حكمدار «مدراس» وأتباعه ، ثم حلبة أفيال أخر نحو العشرة وعليهم
حكمدار «بمباي» وأتباعه ، ثم سرب أفيال أخر نحو العشرة عليهم حكمدار «لاهور» ، ثم
أفيال أخر عليهم حكمدار «السند» ، ثم فرقة أفيال أخر نحو العشرين وهي مركوب سلطان
حيدرآباد وأتباعه ورخت الفيل الأوّل منها مرصع بالجواهر ، ثم فرقة أفيال أخر نحو
العشرة عليها راجاجيت برا ووزراؤه وهكذا.
ثم أقبلت أفيال
خلف أخر عليها ملوك الهند والراجات وعددهم نحو التسعين وكانوا كلهم خلف الحكمدار
بعماية الوقار والرزانة والخضوع والتؤدة ، ويقال إن عدد الأفيال في ذلك الموكب نحو
ألف ومائتي فيل وليس فيها كلها أعلى من فيل الحكمدار. وهكذا انتهى الموكب الذي لم
يسمع بمثله منذ نزل آدم عليهالسلام على جبل سرنديب ولا أظن أنه سيحصل مثله ، وكان مبدؤ مروره
من الساعة الثانية إفرنجية إلى الساعة الرابعة ، وإنما قلت إن هذا الموكب لم يسمع
بمثله لأنا ما سمعنا أن ملكا من ملوك الهند المتقدمين أطاعه جميع النوّاب وجميع
الراجات بدون توقف ولا مخالفة ولا توان ، أو أنهم مشوا خلفه في موكبه وتحت ركابه
وهو جالس بالتعاظم على فيل أعلى من جميع أفيال الدنيا وجميع الملوك ينقادون خلفه مع
الأدب والتؤدة ، وإذا أمكن لأحد قياصرة أوروبا العظام وملوكها الفخام أن يحشر
اليوم عسكرا مثل هذا العسكر ومدافع مثل هاته المدافع فمن أين له ألف ومائتا فيل
تنقاد خلفه وعليها تسعون ملكا ، فو الله لو لم يكن للإنكليز في الشرق فخر إلا هذا
الموكب لكفاهم.
الفصل الثاني : في
صورة الجلسة أي كيفية اجتماع الملوك وكيف ألقى عليهم الحكمدار خطاب إمبراطورتهم ،
وكيف تلقوه بالقبول والإحترام ، وكان ذلك يوم (١٤) ذي الحجة سنة (١٢٩٣ ه) وهيئته
نصف دائرة جنوبي ونصف دائرة شمالي ، وجميعه مسقف بالقماش وبين الشطرين طريق فاصل
للمرور.
فالنصف الجنوبي
عليه ملوك الهند أرباب التيجان ، وهو عبارة عن دكة مرتفعة بدرجتين عرضها نحو أربعة
أذرع وطولها نحو مائة ذراع ، وعليها كراسي الملوك مصطفة بحسب رتبتهم.
والنصف الشمالي هو
قسمان بينهما طريق فاصل وارتفاع الربعين نحو أربعة أذرع وله درجات للجلوس ، وفي
وسط الدائرة دكة مرتفعة نحو أربعة أذرع مساحتها خمسة في خمسة ولها مرقاة للصعود
عليها فهذه الدكة الوسطى جلس عليها حكمدار الهند ووجهه إلى جهة