سلسلة من الجزر النباتية طويلة جدّا ، وأكبرها تسمى كوار وهو حقيقة إسمها وإن سموها بامّما ، ويوجد في هذا القسم جزائر أخر وهي تيبستي وبركو موقعها بين مرزوق وواداي ثم جزيرة كوفارا التي بها بلدة كبابو الواقعة في الشمال. وجهة الشرق من هذا القسم تسمى ليبيا بها بعض جزر تابعة الآن لمصر وهاته الأماكن التي عبرنا عنها بالجزر تسمى في العرف بالواحات.
والخلاصة في أفريقية : إن جميع سكانها عدا الممالك الشمالية والممالك التي على الشطوط نحو مائة مليون ، وأهم الشطوط بيد ممالك أوروبا ولهم فيها حكم إستبدادي بمراعاة للعوائد ، غير أنهم يستعملون القوة القاهرة لتوحش السكان. وبقية السكان غير الممالك التي مرّ ذكرها بتفصيل حالتها هم أناس متوحشون كالحيوانات العجم ودأبهم غزو بعضهم بعضا ولبعضهم رؤوساء يلقبون بألقاب الملك ويجرون الحكم القهري ، ولهم عادات مبنية على خرافات وجلهم أشدّ الناس تعلقا بالسحر ورعبا منه ويعتقدون له من التأثير أمورا عجيبة يكاد السامع أن لا يفهمها ، حتى أن بعضهم يستعمل السحرة في الحرب بل ويعتقدون فيهم الإحياء والإمانة.
ومن هذا القبيل في حكاية ما يعتقدونه ما أخبرني به ثقة عدل راويا عن والده الذي هو مثله : «أنه رأى من عجائب سحرهم أن قبيلة ونقره من عادتهم التجارة ويرحلون لأجلها إلى بلد جني من بلاد قسم السودان ، فيتهيأ لذلك كل عام نحو ثمانية أو عشرة من كبرائهم أهل السحر ويعلنون بذلك فلا يزال الناس يأتونهم بأقربائهم ووكلائهم المريدين للسفر ويستودعونهم عندهم إلى أن يجتمع منهم آلاف كل منهم يحمل بضاعته على عاتقه ، ويسافرون هكذا مشاة ، فإذا مات أحد المستودعين اجتمع السحرة وطلوه بأشياء من نوع شجر عندهم لكي لا يفسد جسمه ثم يأخذون ذنب بقرة مستودع فيه السحر على زعمهم ويمسكونه بيده ثم يوقفوه ولا يزال سائرا معهم إلى الليل فيمدّ ميتا وهكذا ذهابا وإيابا وبضاعته على عاتقه وهو ميت إلى أن يرجع إلى صاحبه». ولو لا تواتر الأخبار بمثل ذلك في أنواع سحرهم لما أثبتنا هذا هنا للعلم بأحوال ما يعتقدونه ، وديانتهم شتى من أنواع الكفر وبعضهم يعتقد الألوهية في ثعابين أو عقارب أو حيات أو أصنام أو ملوك ، حتى اعتقد قوم منهم في سائح أبيض أنه ابن الشمس وعبدوه ولما أراد الرجوع خاف على نفسه منهم من غصبه على البقاء بين أظهرهم إلى أن اختفى ونجا.
وهكذا يعتقدون الألوهية في كثير من الحيوانات وبعضهم له لباس وبعضهم عراة بالمرة ، والنساء كإناث الحيوانات المشتركة وبعضهم يتستر على العورة الغليظة وبعضهم يلبس شيئا من الثياب ، وبعضهم يسكن تحت السماء ويتقي البرد والحر بظل الأشجار ، وبعضهم يتخذ بيوتا من الهشيم أو أغصان الشجر ، وبعضهم له قرى وهم يتفاوتون في هاتيك الخلال شدة وضعفا ، وفي هؤلاء الأقوام قبائل من المسلمين وهم على توحشهم