قال : نسبتك إيّاي إلى الجنون من غير محنة منك ولا تجربة ولا نظر في صدقي أو كذبي.
فقال الحارث : أو ليس قد عرفت كذبك وجنونك بدعواك النبوّة التي لا تقدر لها!
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وقولك «لا تقدر لها» فعل المجانين ، لأنّك لم تقل : لم قلت كذا ، ولا طالبتني بحجّة فعجزت عنها.
فقال الحارث : صدقت ، أنا أمتحن أمرك بآية أطالبك بها ، إن كنت نبيّا فادع تلك الشجرة ـ وأشار إلى شجرة عظيمة ـ فإن أتتك علمت أنّك رسول الله ، فالنبيّ صلىاللهعليهوآله أشار إليها فانقلعت تلك الشجرة بأصولها وعروقها وجعلت تخدّ في الأرض أخدودا كالنهر حتّى دنت من رسول الله صلىاللهعليهوآله ووقفت بين يديه ، ونادت بصوت فصيح : فها أنا ذا يا رسول الله ما تأمرني؟ فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : دعوتك لتشهدي لي بالنبوّة بعد شهادتك لله تعالى بالتوحيد ، ثمّ تشهدي لعليّ هذا بالإمامة ، فنادت الشجرة : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّك ـ يا محمّد ـ عبده ورسوله أرسلك بالحقّ بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وأشهد أنّ عليّا ابن عمّك أوفر خلق الله من الدين حظّا ، وأجز لهم من الإسلام نصيبا ، وهو أخوك في دينك وسناد ظهرك وقامع أعدائك وناصر أوليائك ، وباب علومك في أمّتك.
فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الحارث بن كلدة وقال : يا حارث أو مجنون من هذا حاله وآياته؟
فقال الحارث : لا والله يا رسول الله ، ولكن أشهد أنّك رسول الله تبارك وتعالى وأنت سيّد الخلق أجمعين ، فأسلم وحسن إسلامه.
قال عليّ بن محمّد الهادي عليهالسلام : وأمّا كلام الذراع المسمومة فإنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآله