هاشم الجعفري إنّه قال : كان للمتوكّل مجلس له شبابيك تدور في حيطانه قد جعل فيها الطيور التي تصوّت ، فإذا كان يوم السّلام يجلس في ذلك المجلس فلا يسمع ما يقال له ولا يسمع ما يقول لاختلاف أصوات تلك الطيور ، فإذا وافاه عليّ بن محمّد سكتت تلك الطيور بأجمعها لا يسمع لها صوت إلى أن يخرج من عنده ، فإذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها.
قال : وكان عنده عدّة من القوابج فكان يجلس في مجلس له عال ويرسل تلك القوابج تقتتل وهو ينظر إليها ويضحك منها فإذا وافى عليّ بن محمّد عليهماالسلام إليه في ذلك المجلس لصقت القوابج بالحيطان وكانت لا تتحرّك من مواضعها حتّى ينصرف فإذا انصرف عادت في القتال.
٧٤ ـ خبر الفرس : وفيه أيضا قال : إنّ أحمد بن هارون قال : كنت جالسا أعلم غلاما من غلمانه في مفازة داره إذ دخل علينا أبو الحسن راكبا على فرس له ، فقمنا له فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه وأخذ عنان فرسه بيده فعلّقه في طنب من أطناب المفازة ثمّ دخل فجلس معنا فأقبل عليّ وقال : متى رأيك أن تنصرف إلى المدينة؟ فقلت : الليلة ، قال : فاكتب إذا كتابا معك توصله إلى فلان التاجر. قلت : نعم. فقال : يا غلام ، هات الدواة والقرطاس ، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار أخرى ، فلمّا غاب الغلام صهل الفرس وضرب بيده ، فقال له بالفارسيّة : ما هذا القلق ، فصهل الثانية وضرب بيده ، فقال له بالفارسيّة : لي حاجة أريد أن أكتب كتابا إلى المدينة فاصبر حتّى أفرغ ، فصهل الثالثة وضرب بيده ، فقال له بالفارسيّة : اقلع وامض إلى ناحية البستان وبل هناك وارجع وقف مكانك ، فرفع الفرس رأسه وأخرج العنان من موضعه ثمّ مضى إلى ناحيه البستان حتّى لا يراه من في ظهر المفازة فبال وراث وعاد إلى مكانه ودخلني من ذلك ما الله به عليم ووسوس الشيطان في قلبي.