يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)(١) الآية ، فمعنى يوادّون يحبّون ، يقال : وددت فلانا أودّه ودّا إذا أحببته ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله لا يجوز أن يرتكب ما نهاه الله عنه من حبّ الكفّار فثبت أنّ أبا طالب إذا كان رسول الله يحبّه بحسب الآية مؤمن على ما ذكرناه.
وثالثا : إنّه إذا ثبت أنّ هذه الآية نزلت في أبي طالب فهي دالّة على فضل أبي طالب وعلوّ مرتبته في الإيمان والهداية وذلك أنّ هداية أبي طالب كانت بالله تعالى دون غيره من خلفه وهو كان المتولّي لها حتّى سبق بها الداعي له وكان تقديره أنّ أبا طالب الذي تحبّه لم تهده أنت يا محمّد بنفسك بل الله الذي تولّى هدايته فسبقت هدايته الدعوة له.
وأمّا ما رووا من أنّ النبيّ أمر أمير المؤمنين وأخاه جعفر عند موت أبي طالب أن لا يأخذا من تركته شيئا وأخذها طالب وعقيل من دونهما لأنّ طالبا وعقيلا لم يؤمنا يومئذ فحديث مصنوع وكذب موضوع على غير أصل ثابت وذلك لأنّ بني هاشم قد اشتهر عنهم وعرف من مذهبهم أنّ المسلم يرث الكافر وأنّ الكافر لا يرث المسلم فثبت أنّ هذه الأخبار المختلقة الباطلة المفتعلة غير ضائرة لأبي طالب وإنّما يعود ضررها ووبالها ووزرها وعقابها على الذين تخرّصوها وافتروها وانتحلوها جرأة على الله وتهاونا برسول الله صلىاللهعليهوآله.
٢٩ ـ من الأدلّة أشعاره الدالّة على إيمانه عليهالسلام : روى فخار بن معد في الكتاب المذكور طرفا من أشعاره الدالّة على إيمانه وكذا ابن أبي الحديد في المجلّد ٣ من شرحه لنهج البلاغة. وقال العلّامة الخبير السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم دام توفيقه في التنبيه الثاني الذي ألحقه بكتاب الحجّة لفخار ما هذا نصّه : لأبي
__________________
(١) المجادلة : ٢٢.