قال : فحدّثنا أبو الحسن بما رآه المتوكّل في منامه وما فعله من القبايح لئلّا يرى أبا طالب في منامه ، فلمّا كان بعد ثلاث أحضره ، فقال له : يا أبا الحسن ، قد حلّ لي دمك. قال : ولم؟ قال : في ادّعائك الغيب وكذبك على الله ، أليس قلت لي إنّي أرى أبا طالب في منامي فأسأله ، فلم أره في ليلتي وعملت الأعمال الصالحة في الليلة الثانية والثالثة فلم أره فقد حلّ لي قتلك وسفك دمك.
فقال له أبو الحسن : يا سبحان الله ، ويحك ، ما أجرأك على الله تعالى ، ويحك! سوّلت لك نفسك اللوّامة حتّى أتيت الذكور من الغلمان والمحرّمات من النساء وشربت الخمر لئلّا ترى أبا طالب في منامك فتقتلني فأتاك وقال لك وقلت له ، وقصّ ما كان بينه وبين أبي طالب في منامه حتّى لم ينقص منه حرفا ، فأطرق المتوكّل ثمّ قال : كلّنا بنو هاشم وسحركم يا آل أبي طالب من دوننا عظيم ، فنهض عنه أبو الحسن عليهالسلام.
أقول : سيأتي ما سجّلته التواريخ من قبايح أفعال المتوكّل في محلّه بصورة تفصيليّة.
ثمّ إنّ هذا الحديث إن صحّحنا طريقه فمحمول إمّا على التقيّة أو لأخذ الإقرار بولاية أمير المؤمنين عليهالسلام لتكميل إيمانهم لأنّ أبا طالب مات مؤمنا وكذا عبد الله وآمنة وعبد المطّلب وسائر آبائه وأمّهات النبيّ صلىاللهعليهوآله ولم يكن إيمان أبي طالب بعد أن أحياه النبيّ صلىاللهعليهوآله لأنّه مات مؤمنا بالأخبار المتواترة من الفريقين وإجماع الإماميّة كافّة.
قال العلّامة المتتبّع السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم الطباطبائي النجفي دامت إفاضاته فيما كتبه آخر كتاب «الحجّة على الذاهب إلى إيمان أبي طالب» لفخار بن معد المطبوع في النجف الأشرف سنّة ١٣٥١ الذي قد علّق عليه ـ زاد الله توفيقه ـ تعليقات ثمينة ما هذا نصّه : ألّف الأعلام ورجال الفنّ كتبا ورسائل ممتعة في إيمان شيخ الأبطح أبي طالب عليهالسلام عمّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وكافله وكلّ منهم أدلى بحججه الساطعة