فاجتهدت رسل المتوكّل عبور دابّته فلم تعبر ، فسقط عن دابّته ورجع سيّدنا أبو الحسن فلم يمض من النهار إلّا ساعات حتّى جائنا الخبر أنّ المتوكّل سقط عن دابّته وزلّت رجله وتوهّنت يداه وبقي عليلا شهرا فعتب على أبي الحسن عليهالسلام وقال : إنّما رجع أبو الحسن عنّا لئلّا تصيبنا هذه السقطة فتشأم به ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : صدق الملعون وأبدى ما كان في نفسه.
٢٨ : إيمائه إلى رجل مصارع : قال في الدمعة الساكبة : رأيت في بعض مؤلّفات أصحابنا روى عن أحمد بن محمّد بن راشد الكاتب قال : أرسل ملك الروم إلى المتوكّل هديّة وألطافا وكتب إليه كتابا ذكر فيه أنّه قد أنفذ إليه رجلا اجتمع جميع أهل مملكته على صراعه فلم يكن فيهم من يقدر على مصارعته فإنّه قد أنفذه إليه ليطرفه به ، فلمّا أدخلوه على المتوكّل رأى رجلا جسيما عظيما يباين أهل وقته في عظم الخلقة وعليه درّاعة ديباج سوداء ، فلمّا مثل وسأله المتوكّل : هل خرج أبو الحسن بن الرضا؟ قال : نعم ، قال : قل له : إنّ أمير المؤمنين يسأل عنك.
فقال ابن الرومي لأبي الحسن لمّا قرب منه : يا أبا الحسن ، إنّ أمير المؤمنين يأمرك أن تصارع هذا الرجل. فقال عليهالسلام : إنّ بيني وبين أمير المؤمنين رحما ماسّة وفي هذا رحمة عليه ، فما كان في هذا العسكر من يستدعى لأمر هذا غيري؟ قال : فإنّ أمير المؤمنين يأمرك بصراعه ، فقام عليهالسلام ودنا من الرجل المصارع فنظر إليه وأومأ إليه بيده فغشي عليه ووقع على الأرض ثمّ أفاق بعد حين.
٢٩ : سؤال المتوكّل الإمام عليهالسلام عن إيمان أبي طالب عليهالسلام : روى السيّد في مدينة المعاجز عن الحسين بن حمدان الحضيني بإسناده عن عليّ بن عبد الله الحسينيّ قال : ركبنا مع سيّدنا أبي الحسن عليهالسلام إلى دار المتوكّل في يوم السّلام ، فلمّا أراد أن ينهض قال له المتوكّل : اجلس يا أبا الحسن أريد أن أسألك. فقال عليهالسلام : سل ، فقال له : في الآخرة شيء غير الجنّة والنار يحلّون به الناس؟