وقال : إنّ هذه تدّعي كذا فما عندك؟ قال : الحجّة في هذه قريبة ، إنّ الله حرّم لحوم جميع من ولدته فاطمة وعليّ على السباع فألقها للسباع فإن كانت صادقة لم تتعرّض لها وإن كانت كاذبة أكلتها ، فعرض عليها فكذّبت نفسها وركبت حمارها في طريق سرّ من رأى تنادي على نفسها وجاريتها على حمار آخر بأنّي زينب الكذّابة وليس بيني وبين رسول الله وعليّ وفاطمة قرابة ، ثمّ رحلت إلى الشام.
فلمّا أن كانت بعد ذلك بأيّام ذكر عند المتوكّل أبو الحسن وما قال في زينب ، قال عليّ بن الجهم : يا أمير المؤمنين ، لو جرّبت قوله على نفسه فعرفت حقيقة قوله ، فقال : أفعل ، ثمّ تقدّم إلى قوّام السباع فأمرهم أن يجوّعوا منها ثلاثة وتحضرها القصر وترسل في صحنه وقعد هو في المنظر وأغلق الباب الدرج وبعث إلى أبي الحسن فأحضره فأمره أن يدخل من باب القصر ، فدخل ، فلمّا صار في الصحن أمر بغلق الباب وخلّى بينه وبين السباع.
قال عليّ بن يحيى : أنا وابن حمدون في الجماعة ، فلمّا مشى في الصحن يريد الدرج مشت إليه السباع وقد سكنت من زئيرها ولم نسمع لها حسّا حتّى تمسّحت به ودارت حوله وهو يمسح رؤوسها بكمّه ثمّ ضربت بصدرها الأرض فما مشت ولا زئرت حتّى صعد الدرج وقام المتوكّل فدخل ، فارتفع أبو الحسن وقعدا طويلا ثمّ قام وانحدر ، ففعلت السباع كفعلها في الأوّل وفعل بها كفعله الأوّل ، فلم تزل رابضة حتّى خرج من الباب الذي دخل منه وركب وانصرف وأتبعه المتوكّل بمال جزيل ووصل به.
فقال ابن الجهم : فقمت وقلت : يا أمير المؤمنين ، أنت إمام فالفعل كما فعل ابن عمّك ، فقال : والله لئن بلغني أحد من الناس ذلك لأضربنّ عنقك وعنق هذه العصابة كلّهم ، فو الله ما حدّثنا بذلك حتّى قتل المتوكّل وبلغ إلى ما يستحقّ.
وقال السيّد في مدينة المعاجز في الثاني والخمسين والمائة من معجزات أبي