عليه الصحابة هو تقديم الصدّيق ثمّ بعده الفاروق بعده عثان ذو النورين ثمّ عليّ الوصيّ ، وأصحاب الحديث على ذلك ، وهو الصحيح عندنا ، فبقي من حضر المجلس متعجّبا من هذا القول ، وكانت العامّة الحضور يرفعونه على رؤوسهم وكثر الدعاء له والطعن على من يرميه بالرفض.
وبلغ الشيخ أبا القاسم أنّ بوّابا على الباب الأوّل قد لعن معاوية وشتمه ، فأمر بطرده وصرفه عن خدمته ، فبقي مدّة طويلة يسال في أمره فلا والله ما ردّه إلى خدمته ، كلّ ذلك للتقيّة.
أقول : وسيأتي في ترجمة الحسين بن روح هذه الحكاية بوجه أبسط من ذلك.
فقال : التقيّة فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين ، فمن تركها فقد خالف دين الإماميّة وفارقه ، والروايات في التقيّة أكثر من أن تذكر ، فروي أنّ التقيّة ترس المؤمن ، والإيمان لا تقيّة له ، وإنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة ، ولا دين لمن لا تقيّة له.
وقال الصادق عليهالسلام لنعمان بن سعيد : من استعمل التقيّة في دين الله فقد تسنّم الذروة العليا من العزّ ، وإنّ عزّ المؤمن في حفظ لسانه ، ومن لم يملك لسانه ندم.
حكم العقل بوجوب التقيّة وأنّها لا تختصّ بالشيعة :
جاء في كتاب أصل الشيعة وأصولها للعلّامة الحجّة سماحة الإمام الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء دام وجوده (١) : إنّ من الأمور التي يشنّع بها بعض الناس على الشيعة ويزدري عليهم بها قولهم بالتقيّة جهلا منهم أيضا بمعناها وبموقعها وحقيقة مغزاها ، ولو تثبّتوا في الأمر وتريّثوا في الحكم وصبروا لعرفوا أنّ التقيّة التي تقوم
__________________
(١) أصل الشيعة وأصولها : ١٨٨ الطبعة الرابعة ، النجف ـ المطبعة الحيدرية.