وكنّا في بعض الأيّام في مذاكرة هذا المطلب إذ دخل عليّ العالم المؤيّد النبيل الربّاني الآميرزا خليل الطبيب الطهرانيّ ، فنظر إليّ شزرا وتفرّس في وجهي فقال لي : امدد إليّ يدك فمددتها إليه فجمعها ثمّ قال : ارى بك استعدادا قريبا للمرض الشديد ، وقال للسيّد : دعه لما به حتّى يحسن حاله ، فإنّه يمرض في اليوم أو الغد.
قال : فتغيّرت حالي بعد الظهر فمرضت مرضا شديدا فلازمني جناب الميرزا المزبور ليلا ونهارا حتّى طلبه في بعض الأيّام السلطان فتحعلي شاه فامتنع ، فعاد الرسول ثانيا أجابه بأنّي مشغول بمعالجة نفس زكيّة قدسيّة محترمة ، آليت على نفسي أن لا أفارقها حتّى يفعل الله ما يشاء.
قال : واشتدّ بي المرض ومضى على ذلك قريب من شهر حتّى بلغ اليأس منّي مبلغه ومضى عليّ يومان لم أعرف مواقيت الصلاة ولم أشعر بها ، ورتّب الآميرزا الطبيب في خياله أو كتب في موضوع دواء له سبعة أجزاء لأشربه في غد إن أخرّني الأجل إليه ، فحملوني في الليل إلى سطح الدار وكان الميرزا الطبيب يضع رأسه عند النوم على وسادتي ، فالتفتّ في تلك الحال إلى مرضي وغربتي وموتي بأرض الري فتوجّهت إلى مشهد العسكريّين عليهماالسلام وقلت في نفسي : يا مولاي ، إنّي أتعبت بدني وصرفت عمري في عمارة قاعكم وإحكام بلدكم ، وكان الأمر كذلك ، وقد زرت أبا الحسن الرضا وقصدت العود إلى وطني في جواركم فكيف ترضون أن أموت بعد الخدمة والشيب في هذه الأرض المشومة ، وتضرّعت بأمثال هذه الكلمات ، فأخذني النوم فرأيت ثلاثة فوارس أقبلوا من ناحية المشرق وأحدهما على فرس أبلق مقدّم على الإثنين الآخرين ، وظهر لي أنّهم الحجّة وأبوه وجدّه عليهمالسلام ، فدنوا منّي ولم ينزلوا من خيولهم ، فشكوت إليهم حالي وذكرت لهم مثل ما ذكرت في اليقظة ، فقالوا : لا تجزع ولا تضطرب فإنّ حالك حسن وليس فيك مرض وقل للميرزا خليل أن يخرج من نسخة دوائه جزئين أو ثلاثة أجزاء سمّاها ويدخل فيها جزءا آخر سمّاه أيضا واشربه.