اترك بني الدنيا وأعرض عنهم |
|
فعساك تطعم لذّة الإثلاج |
نزّهت نفسي عنهم بنواله |
|
وحفظتها من جاهه بسياج |
أصبحت من آلائه وولائه |
|
في عزّة ضحيا وعزّ داج |
ولو انني (١) عجت الركاب ميمّما |
|
أحدا سواه ما حمدت معاجي (٢) |
طلق إذا احتلك الزمان أنار في |
|
ظلمائه كالكوكب الوهّاج |
طود الرّصانة والرّزانة والحجا |
|
بحر النّدى المتلاطم الأمواج |
وغمامه الهامي على آماله |
|
من غير إرعاد ولا إرعاج |
وهزبر آجام القنا الضّاري إذا |
|
سقطت عواتمها على الأزجاج |
ضمن الإله له على أعدائه |
|
ما شاء من ظفر ومن إفلاج |
أبقى أبو عبد الإله محمد |
|
ما شاد والده أبو الحجّاج (٣) |
وبنى أبو إسحاق قبل وصنوه |
|
ركنا الضعيف ومعدنا المحتاج |
وجرى على آثار أسلاف لهم |
|
درجوا وكلّهم على منهاج |
ما منهم إلّا أعزّ مبارك |
|
مصباح ليل أو صباح عجاج |
بيت بنوه من سراوة حمير |
|
في الذّروة العلياء من صنهاج |
كم كان في الماضين من أسلافهم |
|
من ربّ إكليل وصاحب تاج |
أساس كل رئاسة ورؤوس كل |
|
ل سياسة وليوث كل هياج |
أعيت نجوم الليل من سهر وما |
|
أعيا أبو موسى من الإدلاج |
حتى أصارته لرحمة ربّه |
|
يوم العقاب وقيعة الأعلاج |
وأقيم نجل أخيه بعد مقامه |
|
فيهم يطاعن مثله ويواج |
فردا يلفّ كتائبا بكتائب |
|
ويكبّ أفواجا على أفواج |
حتى تجلّى دجن كلّ عجاجة |
|
عنهم وأمسك رعد كل ضجاج |
من مثل يوسف في قراع كتائب |
|
ولقاء أعداء وخوض لجاج؟ |
أو من يشقّ من الأنام غباره |
|
في ردّ آراء ونقض حجاج |
__________________
(١) في الأصل : «ولو أنني» وكذا ينكسر الوزن ، لذا جعلنا الهمزة الأصلية همزة وصل.
(٢) في الأصل : «معاج» بدون ياء.
(٣) أبو عبد الإله محمد هو الغني بالله محمد بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن نصر ، وقد تقدمت ترجمته في أول هذا الجزء من الإحاطة. ووالده أبو الحجاج هو يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن نصر ، وسيترجم له ابن الخطيب في الجزء الرابع من الإحاطة.