المدينة وكان يوم
قدومه عندهم أعظم من يوم الزينة وأول كلمة سمعت منه بالمدينة المنورة «أيها الناس
أفشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة
بسلام» ولما بركت ناقته الميمونة عند المسجد الشريف قال هذا
المنزل إن شاء الله تعالى اللهم أنزلني منزلا مباركّا وأنت خير المنزلين. فقال
المحل بلسان الحال :
بقدومكم نزل
السرور بساحتي
|
|
وغدا بها طير
الهنا يغرد
|
ولقد سموت على
الديار بقربكم
|
|
حتى كأنني فوقهن
الفرقد
|
سبحان من بالعز
أبدل ذلتي
|
|
وأنالني منحّا
عليها أحسد
|
إن البقاع إذا
نظرت رأيتها
|
|
تشقى كما تشقى
الرجال وتسعد
|
و «كان موضع
المسجد الشريف حديقة ليتيمين من الأنصار هما أسهل وسهيل وكانا في حجر أسعد بن
زرارة.
وقيل : معاذ بن
عفرا فاشتراه النبي صلى الله تعالى وسلم عليه أو استوهبه وبناه مسجدّا وأمر بقطع
ما كان فيه من النخيل والفرقد وكانت فيه قبور جاهلية فأمر بها فنبشت وأمر بالعظام
فغيبت ولما أخذ في بنائه قال «ابنوا لي عريشّا كعريش أخي موسى ثهامات وخشبات وظلة
كظلة أخي موسى والأمر أعجل من ذلك قيل وما ظلة موسى قال كان إذا قام فيه أصاب رأسه
السقف.
وكان علي بن أبي
طالب كرم الله وجهه يرتجز في عمل المسجد فيقول ولا يستوي من يعمر المساجدا. يداب
فيها قائمّا وقاعدا. ومن يرى عن الغبار حائرا. فأقيمت فيه سواري من جذوع النخل ثم
طرحت عليها العوارض والخصف والأذخر فعاشوا فيه وأصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف
عليهم. فقالوا : يا رسول الله لو امرت بالمسجد فطين. فقال «لا عريش كعريش موسى»
فلم يزل كذلك حتى فارق الدنيا صلى الله تعالى وسلم عليه وزاده شرفّا وفضلا لديه ثم
تداولته أيدي الخلفاء والملوك فوسعت فيه وبنته [على] مقتضى حال الوقت وتفصيل ذلك مما يطول شرحه وقد تكفلت
بأخباره التواريخ أنشدني [العلامة] الشيخ إبراهيم بن أبي الحرم [المدني] أجازه لنفسه :
__________________