رأى أحد مثل ذلك اليوم وخرج يوم الجمعة عند ارتفاع النهار فركب ناقته والمسلمون عن يمينه وشماله ومن خلفه منهم الماشي ومنهم الراكب فما مر بدار من دور الأنصار إلا قالوا هلم يا رسول الله إلى القوة والمنعة فيقول لهم خيرّا ويدعو ويقول عن ناقته انها مأمورة خلوا سبيلها. فمر ببني سالم فأتى مسجدهم الذي في وادي رانونا وأدركته صلاة الجمعة. فصلاها لهم هنالك. فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة ثم ركب ناقته وصار حتى انتهت به إلى زقاق الحبشى ببني النجار فجعلن النساء والولدان يضربن على [الدفاف](١) ويقلن :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع |
|
وجب الشكر علينا ما دعى لله داع (٢) |
وفي رواية :
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر [المطاع جئتنا تمشي](٣) رويدا نحونا يا خبر ساعى.
ومر عليهالسلام بجوار من الأنصار وهنّ ينشدن ويقلن :
نحن جوار من بني النجار |
|
يا حبذا محمد من جار |
وقال عليه الصلاة والسلام «الله يعلم اني أحبكم (٤). ثم سار عليه الصلاة والسلام إلى أن بركت ناقته على باب دار أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه فنزل بها سبعة أشهر ثم بنى مسجده» (٥) قال أهل السير. بناه أولا. ماية في ماية وقيل أقل من ماية في طول سبعة أذرع [وقيل في طول خمسة أذرع](٦) فلما فتح الله تعالى عليه خيبر بناه [ثانيا](٧) وزاد عليه مثله ولما هاجر عليه الصلاة والسلام فرح بقدومه الشريف أهل
__________________
(١) ثبت في أ [الدف].
(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢ / ٥٠٦ ـ ٥٠٧) من طريق : أبو بكر الإسماعيلي قال سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول : لما قدم عليهالسلام المدينة جعل النساء والصبيان يقلن ... وذكره. وانظر / البداية والنهاية لابن كثير (٢ / ١٩٥).
(٣) سقط من أ.
(٤) صحيح : أخرجه ابن ماجه في النكاح (١ / ٦١٢) ـ الحديث (١٨٩٩) والبيهقي في دلائل النبوة (٢ / ٥٠٨). وأورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٢ / ١٩٧ ـ ١٩٨). والسيوطي في الخصائص الكبرى (١ / ١٩٠).
(٥) أخرج الحافظ البيهقي في الدلائل (٢ / ٥٠٩) عن عبد الله بن الزبير أنه ثبت ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في العرش اثنتي عشرة ليلة حتى بنى المسجد.
(٦) سقط من أ.
(٧) في أ [ثانية].