يروى عن مالك رحمهالله تعالى : أنه دخل على المهدي فقال له [أوصني فقال](١) : أوصيتك بتقوى الله ، والعطف على أهل بلد رسول الله صلّى الله تعالى وسلم عليه وجيرانه ، فإنه بلغنا أنه قال «المدينة مهاجري ، ومنها مبعثي ، وبها قبري ، وأهلها جيراني وحقيق على أمتي حفظ جيراني ، فمن حفظهم كنت له شفيعّا وشهيدا يوم القيامة ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني. سقاه الله من طينة الخبال» (٢).
وما أحسن ما قال :
لي فيك يا ربع الحبيب معاهد |
|
قلبي المقيم على العهود موادد |
ولساكنيك علي حفظ مودة |
|
ما خنتهم أبدّا وربي شاهد |
ومنها الوعيد لمن لم يكرم أهلها وإن إكرامهم وحفظهم. حق على الأمة قال بعضهم : ليس المراد إكرام أهل النعم منهم والمستورين بالأداب فإن [قال](٣) أولئك تقضي بإكرامهم ، وإنما الكلام في إكرام المبتلي منهم ومن عدم الأدب والفضيلة ، وألبسته الفاقة رداء المذلة ، وكان يقال : إذا أقبلت الدنيا على قوم ، ألبستهم محاسن غيرهم ، وإذا دبرت عن قوم سلبتهم محاسن أنفسهم وهذه الدسائس أيضّا تكشف عند التأمل ، والتوفيق لمن يدعي [محبة](٤) آل النبي صلّى الله تعالى وسلم عليه. وما أحسن ما قال :
يا أهل طيبة قد سكنتم أضلعي |
|
فودادكم نام وشوقي محكم |
لا غرو أن أبغي هواكم منشدّا |
|
من أجل عين ألف عين تكرم |
[ومنها](٥) حديث «من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي» (٦).
__________________
(١) سقط من «ب».
(٢) ضععيف جدّا : أخرجه الطبراني في الكبير (٢٠ / ٢٠٥) ـ الحديث (٤٧٠). وفي سنده عبد السلام بن أبي الجنوب : قال ابن المديني والدارقطني منكر الحديث. وقال أبو حاتم : شيخ متروك. وعزاه الحافظ الهيثمي للطبراني قال : فيه عبد السلام بن أبي الجنوب. انظر / مجمع الزوائد (٣ / ٣١٣) ـ (تهذيب التهذيب (٦ / ٢٧٨) ـ ٤٢١٤.
(٣) في أ [حالة].
(٤) في ب [حب].
(٥) سقط من أ.
(٦) منقطع : أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣ / ٤٨٠) ـ الحديث (١٥٢٣٣) وفيه زيد بن أسلم وهو لم يسمع من جابر ـ رضياللهعنه ـ قال الدوري عن ابن معين : لم يسمع من جابر ولا من أبي هريرة. انظر / تهذيب التهذيب (٣ / ٣٤٥) ـ (٢٢٠٦).