لا يصلي إلا سراً ». [ راجع صحيح مسلم ج ٢ ص ١٧٩ ، ورواه أحمد في الفتح الرباني ج ٢٣ ص ٤٠ ، وج ٢ ص ٤٦٢ من معالم الفتن ]. وروي البخاري أن الزهري قد دخل على أنس بن مالك فوجده يبكي ، فقال له ما يبكيك؟ فقال أنس : لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضيعت. [ راجع الفتح الرباني ج ١ ص ٢٠٠ ]. وقال أنس بن مالك مرة أخرى : « لا أعرف شيئاً اليوم مما كنا عليه على عهد رسول الله!! فقلنا : فأين الصلاة؟ فقال أولم تضعوا بالصلاة ما قد علمتم؟ »! [ رواه أحمد والترمذي ، وحسنه وقال في الفتح الرباني ج ١ ص ١٩٩ روى عن أنس من غير وجه ].
هذه شهادة حذيفة أمين سر رسول الله وتكتسب شهادته أهمية خاصة لانه أمين سر رسول الله بإجماع المسلمين ، ولأنه بقي على عهد رسول الله لم يُبدل ولم يتبدل ، ولم يرجع القهقرى على عقبيه ، تدعمها شهادة أنس بن مالك الذي وعى عملياً الصلاة بحكم خدمته للنبي ، وان أنس إلى جانب السلطة دائماً عايشها وتعايش معها ، ولم يثنه عن الولاء لهذه السلطة تبدلها ولا تغيرها ، وكان يسمع مسبته من رجالها بصبر بالغ.
فإذا ثبت بأن المخلصين من الصحابة كانوا يصلون سراً ، وهم في حالة خوف ، من غضب السلطة ، أو من غضب الجماهير الموالية لها ، وإذا كان أحد الذين خدموا الرسول فترة طويلة ، وشاهد رسول الله مئات المرات وهو يصلي عملياً يشهد ويقر ويعترف بأن الصلاة قد ضيعت بالفعل ونقضت من أصولها ، ففي هذا دليل قاطع على أن آخر عروة من عرى الإسلام ، وهي الصلاة قد حلت تماماً بشهادة شهود عيان عاصروا حكومة الرسول ، وحكومة الخلفاء الثلاثة ، وحكومة بني أمية ولا خلاف بين اثنين من المسلمين على أن رسول الله قد أخبر الأمة بما هو كائن ، مثلما أخبر الأمة بأن عرى الإسلام ستنقض عروة بعد عروة ، وأن نقض نظام الحكم هو أول عرى الإسلام نقضاً ، وأن نقض الصلاة هو آخر عرى الإسلام نقضاً ، ولا خلاف بين اثنين من المسلمين على أن رسول الله صادق فيما أخبر ، وأنه لم ينطق عن الهوى ـ على الأقل في هذه الأخبار ـ حتى نتجنب معارضة أولئك الذين يزعمون بأن محمداً بشر يتكلم في الغضب والرضى!! ثم إنه من المحال