في مسجد رسول الله ، في الوقت الذي منعت فيه دولة الخلافة كتابة ورواية أحاديث رسول الله نفسه!!
ولما مات عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت ولايات الدولة وأعمالها ووظائفها العامة غاصة بأصحاب « القوة » من الفاسقين والمنافقين ، وقد استخدمهم الخليفة ليستعين بقوتهم ، كما قال ونفاقهم وفسقهم على أنفسهم.
ولما آلت الخلافة إلى عثمان رضي الله عنه ، رفع شعار صلة الرحم ، بدلاً من القوة ، فعمر كان يبحث عن الأقوياء ليستعين بقوتهم ، أما عثمان فقد كان يبحث عن الأرحام ليصلها ، ومن نافذة الأرحام وبابها الواسع دخل الأمويون كلهم ، ودخل معهم أولياؤهم إلى ولايات الدولة وأعمالها ووظائفها ، فما من مصر من الأمصار ، وما من عمل من الأعمال ، إلا وواليه أموي ، أو موالٍ لبني أمية. وكان أول الداخلين من هذا الباب الحكم بن العاص ، طريد رسول الله وعدوه اللدود ، لعنه رسول الله وطرده وحرم عليه دخول المدينة ، ولما آلت الخلافة لعثمان أعاده للمدينة معززاً مكرماً ، ولما مات بنى على قبره فسطاطاً ، ومع الحكم دخل ابنه مروان. قالت عائشة أم المؤمنين لمروان : « أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه ». قل الذهبي وابن عبد البر وغيرهما : « مروان أول من شق عصا المسلمين بلا شبهه ». [ راجع الإصابة ج ١ ص ٦٩ ]. وكان مروان من أسباب قتل عثمان. [ راجع الإصابة ج ٦ ص ١٥٧ ]. ومع أن مروان ملعون على لسان نبيه ، إلا أنه تولى الخلافة ، ولقب بأمير امير المؤمنين وتوارث أبناؤه ملك النبوة. وقد وصف مران بن الحكم وضع دولة الخلافة بآخر أيام عثمان ، وصفاً دقيقاً فقال لجموع الثوار الذين احتشدوا حول دار عثمان : « ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب ، شاهت الوجوه ، كل إنسان آخذ بإذن صاحبه إلا من أريد ، جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا ، اخرجوا عنا ، غب رأيكم ، ارجعوا إلى منازلكم ، فإنا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا ». [ راجع تاريخ الطبري ج ٥ ص ١١٠ ].
والخلاصة أن دولة الخلافة تحولت إلى ملك أموي خالص ، وأن الأمويين قد غلبوا على كل شيء وأن الأكثرية الساحقة مع بني أمية طمعاًًً بما هم غالبون