" ولما كانت أسباب التمدن قد سهّلت وسائط الأسفار ، وفتحت الطرقات ، وقرّبت أهل العالم إلى بعضهم بعضا ، حصلنا اليوم على شرف عظيم بقدوم سعادتك إلى بلادنا ، ولنا أن نفتخر بك ـ أيها السيد ـ أكثر من افتخارنا بالسلاطين الذين سبقوك إلينا".
" فإنك ـ أنت ـ أول سلطان عربي الأصل والنسب قد شرّف بلادنا. أنت وإن كنت من أمة عربية قديمة العهد فقد أتيتنا اليوم بما لم تأته قبلك الأوائل. فأنت قد تفرّدت بحبّ الإنسانية ، وفتحت أبواب الحرية في وجوه قوم طال ما نكبوا بمصائب الرق والعبودية. وأنت أول سلطان عربي عقد معنا معاهدة على إبطال تجارة الرقيق. وأنت أول من سطر اسمه الشريف في صحف تاريخ الحرية الأفريقية. وأنت أحق من سواك بنوال شرف حرية لندن القديمة وامتيازاتها المنيفة. ولهذا نطلب من الحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ أن يديم لنا بقاءك بالعز والإقبال ، ويوطد ملكك على دعائم المجد ما اختلفت الأيام والليالي. آمين".
فلما فرغ الخطيب من كلامه أوعز السلطان إلى محبه باجر الفقيه أن يترجم إلى اللغة الإنكليزية خطابه الآتي ردا على خطاب الوالي.
فنهض الفقيه المومأ إليه ، وقال : " أيها الوالي الشريف ، ويا أيها السادات الكرام ، قد تشنفت آذاننا بسماع خطابكم البديع ، وسررنا غاية السرور بما أسديتموه إلينا من الإكرام والتحبيذ الذي لا نشك بأنه صادر من صميم قلبكم السليم. ونحن نحتسب كل هذا فخرا عظيما لنا ولذريتنا العربية من بعدنا".
" ولا ريب أن شهرة مدينتكم لندن وحريتها ذائعتان في سواحل أفريقية الشرقية كما هي معروفة في الدنيا بأسرها. ونحن نقبل بفرح لا مزيد عليه شرف امتيازات لندن وحريتها التي من نيتكم أن تخلعوها علينا لتوطيد صلات الوداد بيننا وبين دولتكم الفخيمة. وهذا غاية ما نتمناه ، وسوف نبذل همتنا إلى المحافظة على هذا الودّ الذي اكتسبه لنا أجدادنا بعناء وتعب شديدين".