الباب التاسع والثلاثون
في حضور السلطان وليمة والي منشستر
أقام والي منشستر مأدبة شائقة لسعادة السيد برغش ليلة النهار الذي قدموا له الخطب. وحضر أيضا تلك الوليمة قوم كثيرون من أعيان البلد.
ولما كان السيد على سفرة الطعام ، نهض الوالي ، وخطب خطبة فصيحة أثنى فيها (١) على سعادة السلطان. وهذه ترجمتها ملخصا : " أيها السادات الكرام ، إنّي أكلف إليكم ـ هذه الليلة ـ أن تشربوا معي كأس الهناء بسرّ هذا السيد الجليل سلطان زنجبار المعظم الذي قد شرّف محفلنا البهيج بحضوره السعيد"
" ولا شك أن ضيفنا الكريم هذا قد قصدنا من أقصى بلاد الشرق ليرى بعينيه هذه المملكة التي وإن كانت صغيرة في مساحة أرضها غير أنها فسيحة جدا في غناها ، وجاهها ، وعزها ، وسطوتها ، وامتداد ملكها ، من مشرق الشمس إلى مغربها. هذه المملكة قد أضحت ترقص (٢) فرحا وحبورا بمشاهدة ملك من ملوك أفريقية الكبرى ، فهو لا شك ملك زيّنته أشرف خصال الملوك ، وجمّلته الطبيعة بعقل راجح وقلب سليم ، والدليل الأعظم على رجحان عقله الثاقب هو قدومه إلى هذه البلاد ليرى ما فيها من العمران والنجاح ويتخذ منه وسيلة لنشره في بلاده".
" وما يدلنا على سلامة قلبه الشفوق الرؤوف هو سعيه بإبطال تجارة الرقيق من بلاده وتحرير عباد الله من نير الرقّ والاعتناء بتهذيبهم (٣) وإصلاح شؤونهم ، وقد سرّت أمة الإنكليز قاطبة بحسن مساعي هذا السيد الشهم الهمام ، مع أن كثيرين نهضوا ضده ، وقاوموا إبطال
__________________
(١) أ ، ب : بها
(٢) أ : تركض
(٣) أ ، ب : في تهذيبهم